الأشهر الحرم أربعة : ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب ،"فلا تظلموا فيهن أنفسكم"،
1- تحريم القتال فيهن؛ قال تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} [البقرة:217]، ولكن ذهب جماهير أهل العلم إلى نسخ هذا الحكم
وجواز القتال، ولهم في ذلك أدلة لا تسلم من مقال، وذهب بعض أهل العلم ومنهم عطاء -رحمه الله- إلى أن الآية محكمة، وأن تحريم القتال باقِ غير
منسوخ، لكن سبق القول أن العمل على خلافه.
2- تحريم الظلم فيهن، وإليه يشير قوله تعالى: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} [التوبة: 36] على أن أهل العلم اختلفوا في عود الضمير في قوله: "فيهن" فقال
بعضهم: الضمير يعود على خصوص الأربعة الحرم، وقال بعضهم: إنه عائد على كل الأشهر، وإنما نص الله تعالى على الأربعة لزيادة شرفها وفضلها،
على كل حال فالآية دالة على تحريم الظلم في الأشهر الحرم.
هل هناك مضاعفة للسيئات كما هو الحال في مضاعفة الحسنات في الأماكن المكرمة مثل المسجد الحرام والمسجد النبوي، والأوقات المكرمة مثل شهر رمضان والعشر الأول من ذي الحجة؟ وأريد تعريفًا للأشهر الحرم.. ماهي؟ وهل في هذه الشهور الثواب مضاعف وكذلك الذنوب؟
الجواب:
فكل سيئة يقترفها العبد تكتب سيئة من غير مضاعفة.
قال تعالى: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [الأنعام: 160].
لكن السيئة تعظم أحيانًا بسبب شرف الزمان أو المكان أو الفاعل، فالسيئة أعظم تحريمًا عند الله في الأشهر الحرم، وفي عشر ذي الحجة لشرفها عند الله، والخطيئة في الحرم أعظم لشرف المكان؛ قال ابن القيم رحمه الله: تضاعف مقادير السيئات لا كمياتها، فإن السيئة جزاؤها السيئة، لكن سيئة كبيرة وجزاؤها مثلها وصغيرة وجزاؤها مثلها، فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه.
وأما مضاعفة الثواب والعقاب في هذه الأشهر: فقد صرح بها بعض أهل العلم استنادًا لقوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة:36].
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} أي في هذه الأشهر المحرمة؛ لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج:25].