على صاحبه أفضل الصلاة والسلام
موضع منبره، وجـوار مقبره، ومقـام مصلاه، ودار إخوته وأولاده، وبجـانبه حـجرته المعظمـة التي ضمت أعظمه، ولله در القائل: خـير مـن دفنـت فـي البقاع أعظمه
فطـاب مـن طيبهـن البقـاع والأكم
نفسـي الفـداء لقـبر أنـت سـاكنـه
فيـه العفـاف وفيـه الجـود والكـرم
قال أنس: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل في علو المدينة، في حي
يقـال لهم: بنو عمرو بن عوف، فـأقام فـيهم أربعـة عشـر ليلة، ثم إنه أرسل
إلى ملأ بني النجـار، فجاءوا متقلدين سيوفهم، فكأني أنظر إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم على راحلته وأبو بـكر ردفه، وملأ بني النجـار حوله، حـتى
ألفى بفناء أبي أيوب. قـال: وكان يصلي حـيث أدركتـه ويصلي في مرابض الغنم،
ثم أنه أمر بالمسـجد فأرسل إلى ملأ بني النجار فـجاءوا فقال: يا بني النجار
-
- ثامنوني بحائطكم هذا. فقـالوا: لا والله ما نطلب ثمنه إلا
إلى الله تعالى. قـال أنس: (وكان فيه نخل وقـبور المشركين، وخرب، فأمر
النبي صلى الله عليه وسلم بالنخل فقطع وبقبور المشركـين فنبشت، وبالخـرب
فسـويت، قال: وصـفوا النخل قـبلة وجعلوا عـضادتيـه حجارة، قـال: فكانوا
يرتجزون ورسول الله صلى الله عليه وسلم معـهم وهم يقولون:
اللهم لا خير إلا خير الآخرة، فانصر الأنصار والمهاجرة .
وروى عن الشـفـاء بنت عبـد الرحـمن الأنصـارية قالت: كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم حين بنى المسجد يؤمه جبريل إلى الكعبة ويقيم له القبلة .
قـال السهـيلي: بني مسـجد رسـول الله صلى الله عليه وسلم، وسقف بالجريد،
وجـعلت قبلته من اللبن، ويقال: بل مـن حجارة منضودة بعضهـا على بعض،
وحيطانه من اللبن، وجعلت عمده من جذوع النخل، فنخرت في خلافة عمر فجددوها قال أبو سعيد الخدري رضي اللـه عنه: كان سقف مسجد النبي
صلى الله عليه وسلم من جريد النخل، وأمـر عمر ببناء المسجـد، وقال: أكف
الناس من المطر وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس.
قال الحـافظ أبو عبد الله الذهبي: كـانت هذه القبلة في شمالي المسـجد وكان
صلى الله عليه وسلم صلى ستة عشر شهرا أو سبعة عـشر شهرا إلى بيت المقدس،
فلمـا تحولت القبلة بقي حائط القبلة الأولى مكان أهل الصفة.