حياتك ~ من صنع أفكارك ..
))
من أسرار النفس البشرية تأثير الأفكار عليها في المشاعر والسلوك
.
كثيرون منا قرأوا أو سمعوا باسم كتاب " دع القلق وابدأ الحياة
"
للمؤلف " ديل كارنيجي " ، الذي اختار لأحد فصوله عنوان " حياتك
من
صنع أفكارك " ..
فإذا راودتنا أفكار سعيدة أصبحنا سعداء ، وإذا
سيطرت علينا أفكار التعاسة
غدونا أشقياء !
وإذا تملكتنا أفكار الخوف
أو المرض فغالباً سوف نصبح مرضى أو جبناء
نشعر بالذلة !
وإذا فكرنا
في الإخفاق أتانا الفشل سريعاً !
وإذ دأبنا نتحدث عن متاعبنا ونندب حظنا ،
ونرثي لأنفسنا فسوف يهجرنا
الناس ويتجنبون صحبتنا ، فكل واحد عنده ما يكفيه
من المتاعب
والمشكلات !
ثم يقول :
أعرف رجالاً ونساءً بوسعهم
إقصاء القلق والمخاوف والأمراض ، بل
حولوا مجرى حياتهم تحويلاً شاملاً عن
طريق " تحويل أفكارهم " ..
الإيحاء الذاتي
هذا مبدأ قديم وهو " تاثير
الأفكار في حياة الإنسان " ، وهذا ما يعرف في
علم النفس ب " البرمجة العصبية
اللغوية " أو ال " Nlp " .
***
تحدث الإمام ابن قيم الجوزية رحمه
الله عن " الإيحاء الذاتي " في كتابه "
الفوائد " ، وقال : إن صلاح الأفعال
والعادات مبني على صلاح الخواطر
والأفكار ، وردُ الأفكار الخاطئة وإبعادها
عن الذهن منذ البداية أيسر من
قطعها بعد أن تصبح عادة مستحكمة " .
إن
قوة الإيمان والعقل والحكمة تعين الإنسان على اختيار أحسن تلك
الخواطر
والأفكار ، وعلى دفع السيئ منها .
الأفكار الضارة والنافعة :
هنا
يثور سؤال مهم : كيف نزرع الأفكار النافعة ، ونقتلع الأفكار الضارة ؟
الفكرة
الضارة تُقتلع بزرع فكرة نافعة مضادة لها . فأفكار الخوف نعارضها
بإفكار
الشجاعة ، وأفكار القلق بأفكار الاطمئنان ، وأفكار التردد بأفكار
الإقدام ،
وافكار ضعف الثقة بالنفس بأفكار قوة النفس والثقة بها ،
وهكذا
...
أما الأفكار النافعة فمن أفضل وسائل زراعتها بعد الدعء المخلص
وصدق
اللجوء إلى الله تعالى : اختيار عبارة قصيرة معبرة تكون بصيغة
المتكلم
ولا يكون فيها نفي ولا استقبال .
مثال ذلك : رجل يريد
الإقلاع عن التدخين ، يكتب على ورقة صغيرة : (
لقد أقلعت عن التدخين والحمد
لله ) . ويردد هذه العبارة خمس دقائق في
الصباح ومثلها في المساء ، بتركيز
وإيمان ، ويوحي لنفسه بأنها تحققت ،
ويتخيل نفسه قد تخلص من هذه الآفة
وتحسنت صحته .
أما لماذا ينبغي أن تخلوا العبارة من " النفي والاستقبال "
فلأن العقل
الباطن لا يمكن برمجته إلا بالتوكيدات كما وُجد بالتجربة
.
تطبيقات عملية :
* إنسان مريض أخذ بأسباب التداوي والعلاج ،
وألحّ في الدعاء : يُنصح أن
يكتب بخط كبير " وإذا مرضت فهو يشفين " .
ويعلقها في غرفة نومه مثلاً
، ويرددها كل يوم صباحاً ومساءً مع الإيمان
العميق بها .
* إنسان واجهته قضية حيرته ولا يدري ماذا يفعل ؟ ! يُنصح أن
يكتب بخط
كبير : " وأفوض أمري إلى الله " ثم يتبع الخطوات المذكورة
.
* إنسان تنازعه نفسه أن يستثمر ماله في مشاريع فيها بعض الشبهات
،
أن يكتب قوله تعالى : " يمحق الله الربا ويربي الصدقات " ويردده
حتى
تنصرف نفسه عما فيه شبهة إلى ما هو متيقن من حله .
* طالب تُغريه
الصوارف عن المذاكرة ويراوده الكسل وحب الراحة يكتب
مثلاً قول الشاعر
:
لا تحسب المجد تمراً أنت آكلهُ *** لن تبلغ المجد حتى تلعق
الصبرا
* سيدة تشكو من زيادة وزنها ، تُنصح بأن تقرأ مقالات علمية عن
أضرار
السمنة وعن الغذاء الصحيح ، وضرورة ممارسة الرياضة .
وتكتب
عبارات مثل : " أنا أكره الدهون والحلويات " ، " لقد تخلصت من
وزني الزائد "
، " أنا أمشي كل يوم " . حينما تُبرمج عليها عقلها الباطن
يظهر أثرها بعد
ذلك في سلوكها بإذن الله .
تلك لمحاتٌ يسيرة عن أثر " الأفكار " في حياة
الإنسان في حالاته النفسية
والجسمية والعاطفية والصحية و الاجتماعية ، عسى
أن يجد القارئ فيها
نفعاً . راجياً أن يجد التفاعل المأمول وأن نرى أفكاراً
نيرة مفيدة في هذا
المجال ..