[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]
{حوار مع الأستاذ الدكتور " أمير صالح" رئيس الجمعية الأمريكية للعلوم التقليدية و استشاري الطب البديل و الحاصل على دراسات عليا في أصول الفقه / جامعة شيكاغو } حول :
الدعوة إلى الله في المجال الطبي .. بين الواقع و الأمل
لقد شعر المنصرون و غيرهم بأهمية مكانة المجموعة الطبية و استغلوها للدعوة إلى دينهم و مذهبهم , و لقد أفصح " صامويل زويمر " عن هذه الأهمية بقوله : " إن جميع العاملين في ميدان التبشير في الجزيرة العربية متفقون على أن الطبيب القدير و الجراح الماهر يحمل جوازاً يفتح القلوب مهما كانت عنيدة , إن المستشفيات في الجزيرة العربية هي مكان تلتقي فيه الرحمة بالخلق , و يتعانق فيه الصليب و السلام" ..
و لأن المراكز الصحية و المستشفيات أماكن يجتمع فيها المسلمون بأمثال هؤلاء المنصرين و غيرهم من الجاليات العاملة في هذا المجال باسم الطب و التمريض و الهيئات الفنية و الأيدي العاملة .. أصبح لزاماً علينا استغلال هذه المجالات لتكون منبراً للخير و الهدى ..
حتى مع المرضى أنفسهم ..و لكن كيف ؟!!..
هذا ما يجيب عليه الحوار التالي مع أ . د " أمير صالح "رئيس الجمعية الأمريكية للعلوم التقليدية و استشاري الطب البديل و الحاصل على دراسات عليا في أصول الفقه / جامعة شيكاغو..
# من أين نبتدأ الدعوة في المجال الطبي ؟
الدعوة في المجال الطبي يجب أن تبدأ من خلال عدة محاور:
أولاً : التعليم الطبي..
أي أن طالب الطب لابد أن يدرج ضمن ما يدرسه مواد فقهية على الأقل : فقه المرض و فقه الابتلاء و الصبر أثناء سنوات الدراسة ولابد أيضاً أن يتحصن طالب الطب بموضوعات هامة فقهية كستر العورات و الإطلاع على العورة و الخلوة بالمريض و غيرها من الأمور.. فإذا لم يكن لديه هذا الوعي الفقهي أثناء الدراسة الطبية يتخرج طبيب غير ملم بالجوانب الشرعية في الطب ..لذلك البداية من وجهة نظري في التعليم الطبي في الجامعات .
ثانيا:الدعوة داخل المستشفى: فعندما يأتي المريض للمستشفى لابد من تثقيف المريض و هي في الحقيقة فرصة سانحة لندعوه إلى الله .. لأن الإنسان يكون في أضعف حالاته عندما يبتلى بالمرض مهما علا قدره أو إذا كان صاحب مركز أو سلطة تتضاءل قيمة الجاه و السلطة و المال أمام الابتلاء بالمرض ففي هذه الحالة يمكن التأثير على المريض لأنه الآن
أصبح قعيد أو أصبح مريض أو أصبح يطلب من يساعده في حاجاته الضرورية و هنا يجب على الطاقم الطبي ( الأطباء و الممرضين و الفنيين و الاختصاصيين و حتى الإداريين ) أن يستشعروا أنهم في هذه الدعوة هي دعوة إنسان في أمس الحاجة إليها ..حيث أن المريض يشعر بأنه قريب من الله عز و جل و أنه قد تكون أيامه قليلة ..فيجب تذكيره بالتوبة و الإنابة و الخضوع و الرجوع و الندم على ما فعل و أن يتحصن ببعض العلوم التي قد تفيده بإذن الله بعدما يبرأ من مرضه .
ثالثاً: دعوة الزملاء غير المسلمين : لأن من المجالات التي يحدث فيها اختلاط كبير جداً بين ديانات عدة هو المستشفيات .. فالمستشفيات يكون فيها العاملين - الفنيين- الأطباء و الهيئة المعاونة من البوذيين و الهندوس و النصارى باختلاف مللهم .. فالدعوة لهؤلاء تكون بالقدوة الحسنة و بسلوك المسلم الحقيقي ..و عندما يأتي هذا الطبيب أو الممرض ليعمل في بلد مسلم و يجد من سلوك زملاؤه في العمل السلوك القويم هذا هو أمثل و أفضل الأساليب المؤثرة عليه في الدعوة لذلك لا نتغافل و لا نهمل هذا الجانب .. فنحسن إليهم و نودهم و نتقرب إليهم بنية الدعوة " لا للمولاة كما يظن البعض" ..على ألا نتأثر بهم و بعاداتهم و تقاليدهم التي تتنافى مع الإسلام بل المسلم يكون مؤثر جيد في هذا " يؤثر فيهم و لا يتأثر بهم " ..كما أن القدوة الحسنة و التأثير الإيجابي عامل مهم و هؤلاء في أمس الحاجة لمن يهديهم لهذا الدين .
رابعاً: و ضع كتيبات و أشرطة للمرضى : و تكون الدعوة في المجال الطبي من خلال المشرفين على المستشفى و ذلك بوضع كتيبات و إهداء أشرطة للمرضى ..و ضع لافتات تعبر عن كيفية الوضوء و الطهارة أثناء المرض - التيمم- صلاة المريض - صيام المريض و غيرها من العبادات التي قد لا يسأل المريض عنها و يفعلها بجهل فتكون سبباً في ضرره إذا كانت تتعارض مع حالته الصحية .
# هناك تجربة قامت بها كنيسة اليوم السابع التابعة لطائفة الأوفنتست في مجال الطب و الدعوة الدينية .. فهل ترون ضرورة إعداد الطبيب المسلم الداعية مثلما تفعل الكنيسة في تخريج الأطباء الدعاة للنصرانية ؟
نعم ! نحن في أشد الحاجة للطبيب المسلم الداعية و المهندس المسلم الداعية و المحاسب المسلم الداعية و كل فرد في مجال تخصصه ..و اذكر هنا ما قاله لي أحد أساتذتي من المشايخ و ليس من الأطباء عندما قال لي و هو يعلمني بعض أصول الفقه : " يا بني كن مسلماً طبيباً و لا تكن طبيباً مسلماً " فقدم ما هو ضروري !!.. و هنا إذا قلنا الدعوة فكلنا أمة الدعوة لأننا حملنا عبء الدعوة من بعد نبينا محمد r كما أن الدعوة إذا أردنا أن نلخصها في ثلاث فهي : الداعية و المدعو و الدعوة ذاتها ..و طالما أن الإنسان هو المقصود بالدعوة سواء كان هذا الإنسان المسلم البعيد عن شرع الله أو غير المسلم الذي ساقه الله إلينا كي يتعلم تعاليم الإسلام دون جهد أو عناء و لأن الطبيب هو من يتعامل مع هذا الإنسان فيجب أن يكون الطبيب داعية مع هؤلاء الذين يلتقي بهم في المستشفيات و في المراكز الصحية و
غيرها .. لذلك أنا أشدد على ضرورة إعداد المسلم الطبيب الداعية إلى الله لا مثلما تفعل الكنيسة التبشيرية بل كما يأمرنا الإسلام ..
لأن هذا لم يكن في النصرانية قديماً و لكنهم اقتبسوه من الإسلام فلقد كان التجار المسلمين يدعون إلى الله عز وجل بسلوكياتهم و حسن معاملاتهم ( تاجر طبق الإسلام في تجارته)
.. ثم صعد المسلم العالم مثل الخوارزمي و ابن النفيس و أبو بكر الرازي و غيرهم من علماء الأمة كان كل منهم له أمور أو مبادئ في الإسلام و له جوانب في الدعوة و خدمة الدين ..فالطوائف النصرانية التي تعلم أطبائها ليجوبوا الأرض حاملين خدمة العالم و ذلك عندما تقاعس أهل الحق من المسلمين عن خدمة هذا الدين برز هؤلاء و كان ينبغي على أطباء الإسلام هم من يقود هذا الأمر لأنهم يحملون معهم الرسالة الخالدة .. فيجب أن يضعوا المال جانباً و يضعوا الجاه جانباً و يذهبوا داعين إلى الله بعلمهم فيذهب الطبيب يجري جراحات في أفريقيا و الدول الفقيرة و تكون دعوة لله و في سبيل الله و لا يترك لغيره القيام بها .. لأنه إذا تقاعس أهل الحق ظهر أهل الباطل و هذه سُنة كونية .
# ماذا ينبغي على الطبيب المسلم أن يفعله في غرفة العمليات ؟! و ماذا عن كيفية
علاقة الطبيب بالمريض بصفة عامة ؟!
ينبغي على الطبيب المسلم :
- أن يوظف ملابس المريض في العمليات فلا تكشف عورات المريض ..فالمريض أو المريضة التي تجرى لها عملية جراحية في القدم أو في الركبة لا ينبغي أن نلبسها نفس
الملابس الفاضحة التي نستوردها من الغرب .. فالغرب له سلوكياته و هو العري و عدم الستر و لا يوجد لديهم الحياء الموجود عند المسلمين و المسلمات ..
لذلك أقول يجب أن نصمم ملابس خاصة للعمليات .. فتصمم لكل جراحة زيَّ خاص
و معقم ( حتى و لو تطلب الأمر أن يؤخذ ثمنها من المريض !!), فمثلاً المريض الذي ستجرى له جراحة في ظهره تكون له ملابس تغطي نصفه من الأسفل و تغطي صدره من الأمام
( و تغطي رأسه إذا كانت امرأة ) و حتى إذا كان رجل ينبغي ألا تكشف العورات.
- ينبغي أن تكون ملابس الطبيبة ساترة فلا تلبس ملابس تكشف عن ذراعيها أمام زملاءها في العمل فالزي الإسلامي لا يتعارض إطلاقاً مع أساليب التعقيم و حرية الحركة.
- أثناء الكشف على المريض ينبغي على الطبيب ألا يكشف أكثر من الجزء المطلوب الكشف عليه فتبدو منه أشياء دون حاجة , أيضاً ينبغي ألا يظل يتحدث و هو تارك المريض مكشوف العورة فينبغي عليه ستر المريض فور الانتهاء من الكشف .
- ينبغي على الطبيب أن يعطي المريض بعض الوقت للكلام , فقد كان الطبيب قديماً
يسمى حكيماً لأنه كان يلم بالجوانب النفسية و الاجتماعية للمريض و لكن اليوم يدخل المريض عند بعض الأطباء فلا يسأل حتى عن اسمه , فنجد الطبيب ينهي الكشف دون أن يتحدث معه إطلاقاً .. رغم أن الحديث مع المريض عن حالته النفسية و الاجتماعية
يفيد في التشخيص .
نقول مقولة أبو بكر الرازي و هو كيميائي احترف الطب لأنه وجد مبالغة في أسعار الأطباء , فقال : و الله لا أدعها لهم , فدرس الطب و ترك الكيمياء .. هذا الرجل يقول لتلامذته عندما كان يدرس لهم الطب : " يا أبنائي اهتموا بصحة المريض قبل أن تهتموا بالأجر الذي تأخذونه من المريض " ..
و أنا أنصح إخواني الأطباء أن يبحثوا عن شفاء المريض أولاً ..فالله هو الذي يرزق و هو الذي يبارك , فلا نتناسى هذا .
- على الطبيب أن يعالج المريض بدناً و روحاً و عقلاً ..فيجب عليه أن يذكر المريض
بالله عز و جل فيثبت عقيدته , لأن في كثير من الأحيان عندما يعلم المريض بأن
مرضه خطير ينتابه الفزع و الهلع و الخوف و الطبيب عندما يذكر المريض بالله و بالتوبة و الإنابة ثم يحببه في لقاء ربه لأن " خيركم من حبب الله فيه و حببهم في الله " و يذكره أن الابتلاء سنة من سنن الأنبياء و بأن من قل حظه من الابتلاء قل حظه من ميراث النبوة
.. بهذا تزداد مناعته الإيمانية , لأن المريض إذا ازدادت مناعته الإيمانية صح الجسد .
أجرت الحوار:
أحلام علي / المدينة المنورة
مجلة المجتمع
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذه الصورة]