أدب فاطمة وانصاف عائشة وتقوى زينب

أدب فاطمة وانصاف عائشة وتقوى زينب محمد رشيد العويد
عن أم المؤمنين عائشةرضى الله عنهاقالت: ( أرسل أزواج النبى صلى الله عليه
وسلم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الى رسول الله صلى الله عليه
وسلم فاستأذنت عليه وهو مضطجع معى فى مرطى ، فأذن لها، فقالت: يا رسول الله
ان أزواجك أرسلننى اليك يسألنك العدل فى ابنة أبى قحافة، وأنا ساكتة . قالت : فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أى بنية .. ألست تحبين ما أحب ؟
فقالت : بلى . قال : فأحبى هذه . قالت : فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول
الله صلى الله عليه وسلم فرجعت الى أزواج النبى صلى الله عليه وسلم فأخبرتهن
بالذى قالت وبالذى قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلن لها : ما
نراك أغنيت عنامن شئ ،فارجعى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم،فقولى له : ان أزواجك ينشدنك العدل فى ابنةأبى قحافة ، فقالت : والله لا أكلمه فيها أبدا .

قالت عائشة : فأرسل أزواج النبى صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش زوج النبى صلى الله عليه وسلم وهى التى كانت تسامينى منهن فى المنزلة عند رسول الله صلى
الله عليه وسلم،ولم أرامرأة قط خيرا فى الدين من زينب ، وأتقى لله ، وأصدق
حديثا وأوصل للرحم ، وأعظم صدقة ، وأشد ابتذالا لنفسها فى العمل الذى تصدق
به وتقرب الى الله تعالى،ماعدا سورة من حدة كانت فيها تسرع منها الفيئة .

قالت : فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه
وسلم مع عائشة فى مرطها على الحالة التى دخلت فاطمة عليها وهو بها ، فأذن لهارسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ان أزواجك أرسلننى اليك يسألنك العدل فى ابنة أبى قحافة . قالت : ثم وقعت بى فاستطالت على وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرقب طرفه : هل يأذن لى فيها ؟

قالت : فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن
أنتصر . قالت : فلما وقعت بها لم أنشبها حتى أنحيت عليها . قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبسم : انها بنت أبى بكر ) .

• * قولها : ( يسألنك العدل فى ابنة أبى قحافة ) معناه يسألنك التسوية بينهن فى محبة القلب ، وكان صلى الله عليه وسلم يسوى بينهن فى الأفعال والمبيت
ونحوه،وأما محبة القلب فكان يحب عائشة أكثر منهن ، وأجمع المسلمون على أن محبتهن لا تكليف فيها، ولا يلزمه التسوية فيها ، لأنه لا قدرة لأحد عليها
الاالله سبحانه وتعالى، وانمايؤمر بالعدل فى الأفعال والذى كان حاصلا قطعا، ولهذاكان يطاف به صلى الله عليه وسلم فى مرضه عليهن حتى ضعف فاستأذنهن فى أن يمرض فى بيت عائشة فأذن له . ( صحيح مسلم ) .
• قولها عن زينب رضى الله عنها:( هى التى تسامينى ) أى تعادلنى وتضاهينى فى الحظوة والمنزلة الرفيعة ، مأخوذ من السمو وهو الارتفاع .
• قولها:( ما عهدا سورة من حدةكانت تسرع منها الفيئة ) أى ثوران وعجلة
الغضب ، لكنها اذا وقع منها ذلك ، رجعت عنه سريعا ولا تصبر عليه .
• قولها:( لم أنشبها حتى أنحيت عليها)أى لم أمهلهاحتى قمعتها وقهرتها .
• قولها : ( وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرقب طرفه هل يأذن لى
فيها ) يقول النووى رحمه الله مبنا:"اعلم أنه ليس فيه دليل على أن النبى
صلى اله عليه وسلم أذن لعائشة ، ولا أشار بعينه ، ولا غيرها ، بل لا يحل
اعتقاد ذلك، فانه صلى الله عليه وسلم تحرم عليه خائنة الأعين ، وانما فيه
أنها انتصرت لنفسها فلم ينهها عليه الصلاة والسلام " .
• قوله صلى الله عليه وسلم:( انها ابنة أبى بكر) معناه – كمايقول النووى
: - " الاشارة الى كمال فهمها وحسن نظرها والله أعلم " .
• هذا الحديث يحتاج الى وقفات كثيرة وطويلة ، أختار منها هنا ثلاثة :

أولا : كان واضحا حياء السيدة فاطمة رضى الله عنها وأرضاها ، فهى تستأذن على النبى صلى الله عليه وسلم ، وتنقل اليه ما حملها اياه أزواجه صلى الله عليه وسلم بنصه ، لا تزيد عليه شيئا ، وتمثل الى ما دعاها اليه والدها ، وتقوم من فورها حين سمعت رده عليه الصلاة والسلام ، كان واضحا أدبها مع أبيها النبى صلى الله عليه وسلم ، فلم تجادله ولم تناقشه حتى ان أمهات المؤمنين لاحظن
ذلك ، فقلن لها حين عادت اليهن : " ما نراك أغنيت عنا من شئ " .

وتأكد هذا الحياء والأدب حين أبت الاستجابة الى طلب أزواجه صلى الله عليه
وسلم مكنها أن ترجع ثانية الى أبيها لتكلمه من جديد ، حين قالت فى اصرار : "
والله لا أكلمه فيها أبدا " .

ثانيا : وصفت السيدة عائشة موقف النبى صلى الله عليه وسلم مما كان بينها وبين السيدة زينب بقولها:" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبسم : انها ابنةأبى بكر " ، فقولها: " ... وتبسم " يشير الى أنه عليه الصلاة والسلام حرص على اضفاء جو المرح على ما ثار بين زوجته ، وابعاد ما يمكن أن يؤدى اليه خلافهما من شحناء .

وفى هذا توجيه للأزواج بأن يضفوا مثل هذا الجو المرح على ما يحدث من خلاف بين
زوجاتهم ، أو بين زوجة الرجل وبين أمه أو شقيقته .

ثالثا : على الرغم من الخصومة التى كانت بين أم المؤمنين عائشة وأم المؤمنين زينب رضى الله عنهما، فان عائشة أنصفتها فى حديثها عنها ، وذكرت أخلاقاكريمة كثيرة منها ، وذلك فى قولها عنها :
1- " لم أر امرأة قط خيرا فى الدين من زينب " .
2- " وأتقى لله " .
3- " وأصدق حديثا " .
4- " وأوصل للرحم " .
5- " وأعظم صدقة " .
6- " وأشدابتذالا لنفسهافى العمل الذى تصدق به وتقرب به الى الله تعالى" .

هذه صفات وأخلاق عالية لا تكاد تذكرهاامرأة عن امرأة صديقة لها ، متعلقة
بها ، تحمل لها فى قلبها الود والحب،فكيف يمكن أن تذكرها عن ضرتها وهى تروى خلافا كان بينهما؟! ألا يشيرذكر السيدةعائشةلجميع هذه الصفات والأخلاق
العظيمة فى ضرتها السيدة زينب الى انصافها وعدلها .

ان فى هذا الثناء الجزيل من السيدة عائشة شهادة عظيمة على رجاحة عقلها ،ونبل نفسها ، وقوة ايمانها الذى جعلها تذكر هذا الخير الكثير فى واحدة من ضرائرهاالمنافسة لها،بل أكثرهن منافسة لها ، كما نفهم من قولها عنها بأنها( هى التى تسامينى ) أى تعادلهاوتضاهيهافى الحظوة والمنزلةالرفيعة عند النبى صلى الله عليه وسلم .

• وفى هذا درس لكل امرأة بانصاف غيرها من النساء مهما كان الخلاف بينها وبين احداهن شديدا ، فتذكر ما فيها من خير ، ولا تنسب اليها ما ليس فيها من صفات أو أخلاق غير حسنة .
• ولعل قارئة تقول : ولكن السيدة عائشة ذكرت صفة سلبية فى السيدة زينب فى قولها عنها " ماعداسورة من حدة كانت فيهاتسرع منها الفيئة " ، والرد على ذلك من وجهيتن :
الأولى : أن ماوصفتها به ( سورة من حدة ) اشارة الى طبع أكثر منه اشارة الى خلق ، وليس فى هذا انتقاص ان شاء الله 0

الثانى : أن السيدة عائشة اتبعت هذا الوصف باستدراك جعل ما ذكرته خلقا طيبافى أم المؤمنين زينب وهو قولها: " كانت تسرع منها الفيئة " أى أنها اذا ثارت غاضبة ، فسرعان ماترجع عن غضبها هذا ، وتفئ عنه ، ولا تصر عليه ، وهوثناءمن أم المؤمنين عائشة على أم المؤمنين زينب ، رضى الله عن أمهات المؤمنين جميعا .

( أحاديث المرأة في الصحيحين)

بارك الله فيك رووووووووووووووووووعه الغاليه

شاكره لك تواجدك العطر
دمتي بود

» زينب بنت جحش
» السيدة زينب بنت جحش
» ...زينب بنت خزيمة بن الحارث
» فاطمة بنت الخطاب
» عائشة بنت أبي بكر