موضوع متميز عالجه ابن جني في آخر فصول كتابه "سر صناعة الإعراب" أنقله إليكن للفائدة والمتعة!
***
وهذا فصل لإفراد الحروف في الأمر ونظمها على المألوف من استعمال حروف المعجم
الهمزة
إذا أمرت من وأى يئي أي وعد قلت: يا زيد إ عمرا، معناه عد عمرا. والوأي الوعد وتقول في التثنية: إيا، وفي الجماعة المذكرين: أوا، وللمرأة: إي، وللمرأتين: إيا كالمذكرين، وللنساء: إين. كقولك: عد وعدا وعدوا وعدي وعدا وعدن. فحذف الياء من "إ" علامة الوقف، وحذف النون من إيا وأوا علامة الوقف أيضا، وكذلك حذف النون من قولك للمرأة: إي علامة الوقف. والياء التي في قولك لها: إي- ليست بلام الفعل، وإنما هي علامة التأنيث والضمير كالتي في قولك: عدي. والأصل فيه إيي مثل عدي، فأسكنت الياء استثقالا للكسرة عليها وحذفت لسكونها وسكون ياء الضمير بعدها. والياء في إيا لام الفعل بمنزلة دال عدا، والياء أيضا في إين لام الفعل بمنزلة دال عدن والنون بعدها علامة الجمع والضمير المؤنث كنون عدن.
الباء
يقال: : بأى الرجل يبأى إذا فخر، فإذا أمرت منه قلت: ابأ يا رجل، أي افخر. فإن خففت الهمزة قلت: بَ يا رجل. وذلك أنك حذفت الهمزة وألقيت فتحتها على الباء، فلما تحركت الباء استغنيت عن ألف الوصل لتحرك ما بعدها فقلت: ب يا رجل. فإن ثنيت قلت على التحقيق: ابأيا، وعلى التخفيف بيا. وللجماعة على التحقيق: ابأوا، وعلى التخفيف بوا. وللمرأة على التحقيق: ابأي بوزن ابعي، وعلى التخفيف بي. وللمرأتين كالرجلين. ولجماعة النساء على التحقيق: ابأين بوزن ابعين، وعلى التخفيف بين فاعرفه.
أنشدنا أبو علي:
(أقول والعيس تبا بوهد ...)
أي تبأى أي تتعالى في السير وتتسامى فيه فخفف الهمزة على ما ذكرنا.
التاء
لغة لبعض العرب تقول في الأمر من أتى يأتي: ت زيدا، فتحذف الهمزة تخفيفا كما حذفت من خذ وكل ومر، قال شاعرهم:
ت لي آل زيد فاندهم لي جماعة* وسل آل زيد أي شيء يضيرها
وتقول على هذه اللغة للاثنين: تيا، وللجماعة توا، وللمؤنث تي وتيا وتين.
الثاء
يقال: : ثأى الخرز يثأى إذا غلظ الإشفى ودق السير، وأصل الثأي الفساد على ما ذكرناه. فإذا أمرت قلت: اثأ يا خرز. فإن خففت قلت: ث يا خرز، وثيا وثوا وثي وثيا وثين على ما قدمناه من حال التخفيف في باب الباء.
الجيم
يقال: جئى الفرس يجأى جأى وجؤوة إذا ضرب لونه إلى لون صدأ الحديد، قال ذو الرمة أنشدناه أبو علي:
تنازعها لونان ورد وجؤوة ... ترى لإياء الشمس فيه تحدرا
فإذا أمرت قلت: اجأ يا فرس، فإن خففت قلت: ج يا فرس، وجيا وجوا وجي وجيا وجين. على ما تقدم في باب الباء والثاء.
ولغة لبعض العرب جا يجي بغير همز، فإذا أمرت قلت: ج يا رجل وجيا وجوا، وجي يا امرأة وجيا وجين. فاعرفه.
الحاء
يقال: وحى إليه يحي وأوحى إليه يوحي، قال العجاج:
وحى لها القرار فاستقرت ... ومدها بالراسيات الثبت
وقال الله عز و جل: (وأوحى ربك إلى النحل) وهو كثير. فإذا أمرت من وحى قلت: ح يا رجل وحيا وحوا، وللمؤنث حي وحيا وحين على ما قدمناه في باب الهمزة.
الخاء
يقال: وخيت الشيء أخيه أي قصدته وتعمدته، ومنه توخيت كذا قال:
(. . . أنى وخى ...)
فإذا أمرت قلت: خ يا رجل وخيا وخوا، وخي يا امرأة وخيا وخين على ما تقدم.
الدال
يقال: ودى العرق يدي إذا سال، ومنه قيل: الوادي؛ لأنه مسيل الماء. أنشدنا أبو علي:
كأن عرق أيره إذا ودى ... حبل عجوز ضفرت سبع قوى
فإن أمرت قلت: د يا رجل وديا ودوا، ودي يا امرأة وديا ودين على ما سلف.
ويقال: أيضا دأيت للشيء أدأى إذا ختلته، قال:
(كالذئب يدأى للغزال يختله ...)
فإن أمرت قلت: ادأ يا رجل. فإن خففت قلت: د يا رجل وديا ودوا، ودي يا امرأة وديا ودين على ما سلف من التصريف.
الذال
يقال: ذأى الفرس يذأى ذأيا إذا كان كثير الجري سريعه خفيفه وفرس مذأى، قال العجاج:
بعيد نضح الماء مذأى مهرجا ...
فإذا أمرت قلت: اذأ يا فرس فإن خففت قلت: ذه وذيا وذوا، وذي يا امرأة وذيا وذين على ما تقدم عليه القول.
الراء
يقال: رأيت الرجل إذا أبصرته، ورأيته إذا ضربت رئته إلا أن العرب اجتمعت على تخفيف مضارع رأيت من رؤية العين فقالوا: أرى، والأصل أرأى فخففوا الهمزة بأن حذفوها وألقوا فتحتها على الراء. ولم يأت التحقيق في المضارع إلا شاذا أنشدنا أبو علي لسراقة البارقي:
(أري عيني ما لم ترأياه ... كلانا عالم بالترهات)
وقرأت عليه في الهمز عن أبي زيد:
(ثم استمر بها شيحان مبتجح ... بالبين عنك بما يرآك شنآنا)
فإن أمرت على شائع اللغة فيها وهو التخفيف قلت: ر يا زيد وريا وروا، وري يا هند وريا ورين. وإن أمرت من رأيت على التحقيق وهو المعروف فيه قلت: ارأ فإن خففت جرى مجرى تخفيف مضارع رأيت من رؤية العين فقلت: ره وريا وروا وري وريا ورين.
ويقال: أيضا ورت بك زنادي ووراه الله أي أدوى جوفه قال سحيم:
(وراهن ربي مثل ما قد ورينني*وأحمى على أكبادهن المكاويا)
فإن أمرت منهما جميعا قلت: ر يا رجل وريا وروا وري يا امرأة وريا ورين على ما تقدم.
الزاي
يقال: وزى الشيء يزي إذا اجتمع وتقبض، فإن أمرت قلت: ز يا رجل وزيا وزوا وزي يا امرأة وزيا وزين على التفسير الفارط.
السين
يقول بعض العرب: سا يسو بحذف الهمزة البتة تخفيفا، فتقول على هذا في الأمر: س يا رجل وسوا وسوا، وسي يا امرأة وسوا وسون. والأصل في سي للمؤنث سوي ووزنه فعي؛ لأن لامه محذوفة البتة على غير قياس، فثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى السين وحذفت الواو لسكونها وسكون الياء بعدها فصار سي.
الشين
يقال: وشيت الثوب أشيه إذا نقشته وحسنته، ووشيت الحديث أشيه أي نمقته وزينته. فإذا أمرت قلت: ش يا رجل وشيا وشوا، وشي يا امرأة وشيا وشين.
ويقال: شأوت الرجل أي سبقته وشأوته حزنته ومضارعهما يشأى فإذا أمرت قلت: اشأ، فإن خففت قلت: ش يا رجل وشيا وشوا، وشي يا امرأة وشيا وشين.
الصاد
يقال: وصى الشيء يصي فهو واص أي متصل، قال ذو الرمة:
بين الرجا والرجا من جيب واصية*يهماء خابطها بالخوف مكعوم
وقال الآخر:
(يأكلن من قراص ... وحمصيص واص)
فإن أمرت قلت: ص يا رجل وصيا وصوا، وصي يا امرأة وصيا وصين.
ويقال أيضا: صأى الفرخ يصئي صئيا، فإذا أمرت قلت: اصء، فإن خففت قلت: ص وصيا وصوا وصي وصيا وصين فوزن ص من هذا المهموز فل؛ لأن العين محذوفة للتخفيف، ووزنه من الأول وهو وصى يصي عل؛ لأن الفاء محذوفة كما تحذف من وعد يعد، فاللفظان على هذا متفقان من أصلين مختلفين.
الضاد
غفل، لم يأت فيها شيء.
الطاء مثله
الظاء مثله
العين
يقال: وعيت العلم إذا حفظته ووعيت الكلام أي حفظته، قال الله تعالى: (وتعيها أذن واعية). فإذا أمرت قلت: ع يا رجل وعيا وعوا، وعي يا امرأة وعيا وعين.
الغين غفل
الفاء
يقال: وفى بالعهد يفي وأوفى يوفي، قال:
أما ابن طوق فقد أوفى بذمته*كما وفى بقلاص النجم حاديها
فجمع بين اللغتين، فإن أمرت من وفيت قلت: ف يا رجل وفيا وفوا، وفي يا امرأة وفيا وفين على قياس ما مضى.
القاف
يقال: وقيت الرجل أقيه فإذا أمرت قلت: ق يا رجل وقيا وقوا وقي يا امرأة وقيا وقين، قال الله تعالى: (قوا أنفسكم وأهليكم نارا)، وقياسه ما سبق ذكره.
الكاف
يقال: أوكيت السقاء ووكيته إذا شددته بالوكاء، فإن أمرت من وكيته أكيه قلت: ك يا رجل وكيا وكوا، وكي يا امرأة وكيا وكين وشرحه على ما تقدم في وفيت ووقيت.
اللام
يقال: وليت الأمر أليه، فإذا أمرت قلت: ل يا رجل وليا ولوا ولي يا امرأة وليا ولين، قال ذو الرمة:
لني ولية تمرع جنابي فإنني ... لوسمي ما أوليت من ذاك شاكر
الميم
يقال: مأت الهرة تمؤو، فإن أمرت قلت: امؤ يا هر، فإن خففت ألقيت ضمة الهمزة على الميم وحذفت الهمزة ثم حذفت همزة الوصل من أول الكلمة لتحرك ما بعدها، فقلت: م يا هر وموا وموا ومي يا هرة وموا كالمذكرين ومون. وهذا حرف غريب وقياسه ما ذكرت.
النون
يقال: ونيت في الأمر أني ونيا، فإن أمرت قلت: ن يا رجل ونيا ونوا، وني يا امرأة ونيا ونين. قال الله سبحانه: (ولا تنيا في ذكري). قال العجاج:
(فما ونى محمد مذ أن غفر ... له الإله ما مضى وما غبر)
ويقال أيضا: نأيت حول البيت نؤيا وأنأيت أيضا حوله نؤيا حكاهما جميعا أبو زيد في كتاب همزه. فإن أمرت من نأيت أنأى قلت: انأ يا زيد نؤيا مثل انع نعيا، فإن خففت قلت: ن نؤيا ونيا ونوا وني يا امرأة ونيا ونين. وحكى أبو زيد في كتاب همزه المقيس أن من العرب من يقول: يا زيد ن نؤيك أخرجه على التخفيف الذي قدمناه ذكره.
الهاء
يقال: وهي الأمر يهي فهو واه، قال زهير:
(. . . ... . فأصبح الحبل منها واهيا خلقا)
فإن أمرت قلت: ه يا رجل وهيا وهوا يا رجال، وهي وهيا وهين.
الواو غفل
المدة غفل
الياء غفل
منقووول