أجرى الحوار: أ/ هشام داود
التقى فريق العمل بموقع قصة الإسلام بـ"الشيخ مؤمن إبراهيم"، أو القس بيشوي ملك سابقًا، والذي كان مندوبًا للبابا شنودة لدى الكنيسة الإيطالية من قبل.
وقد دار الحوار حول حياة "القس بيشوي ملك" قبل إسلامه وبعده، وما الذي دفعه للإسلام، وما أهم الصعوبات التي واجهته قبل إعلان إسلامه وبعده، وكيف شعوره الآن بعد أن صار مسلمًا... وغير ذلك من الحديث الممتع والشائق.
--*--* ما هو اسمك قبل الإسلام وبعده؟
- قبل الإسلام كنت أُدعى بـ"القس بيشوي ملك"، وبعد الإسلام صرتُ الشيخ مؤمن إبراهيم.
--*--* كيف كانت حياتك قبل الإسلام؟
- كانت حياتي قبل الإسلام كأي مسيحي أرثوذكسي يؤمن بيسوع، وبعقيدة الجسد والدم. ولقد حصلت على بكالوريوس الكلية الإكليركية عام 1982م، وتم رسمي -أي تعييني- في مجال الكهنوت والتي كانت متميزة بشهادة الجميع، ومن بينهم البابا شنودة بنفسه.
وكنت مرتبطًا بالكنيسة ارتباطًا وثيقًا، حيث إن الكنيسة أقامت علاقة بين القساوسة والشباب المسيحي، علاقة تتمثل في الرعاية والمتابعة. حتى إنني انزعجت جدًّا من نفور كثير من الشباب المسيحي وقتئذٍ من بعض الشباب الذين يُطلق عليهم لفظ (وحشين) أي البلطجية؛ ولذا قمت بعقد اجتماع الوحشين والذي وجد قبولاً بعد ذلك من عدد كبير من القيادات في الكنيسة، بالرغم من رفضهم لهذا الاجتماع في بداية الأمر، حيث كانوا ينظرون لهؤلاء الشباب على أنهم بلطجية.
وكنت أتمنى أن تكون الرعاية في المسجد كما عرفتها في الكنائس من تعاهد الشباب، وحل مشكلاتهم.
وقد تميَّزتُ وقمتُ بإخراج شرائط أحدثت ردود أفعال كبيرة في المجتمع النصراني كله مثل شريط "أنت أبويا وأنا أبوك" و"القداسات الثلاثة" و"طقسيات مرئية"، وهذا الشريط الأخير هو الذي قادني للتعمق في قضية الجسد والدم، والتي هي المدخل الأول لدخولي الإسلام.
--*--* ما المقصود بقضية الجسد والدم في العقيدة الأرثوذكسية النصرانية؟ وكيف قادتك للدخول في الإسلام؟
- معنى كلمة الجسد والدم، أي مادة منظورة ولكن تحت نعمة غير منظورة وهي التحويل؛ أي تحويل هذا الجسد على جسد المسيح.
أما كيف قادتني للإسلام فلقد ذهبت للبابا شنودة وناقشته في قضية الجسد والدم، حيث إنّ هذا الأمر هو لبّ العقيدة للمسيحي الأرثوذكسي، وأول سؤال طرحته على البابا هو: كم قداسًا في اليوم؟ فقال لي البابا شنودة: نحو عشرة آلاف قداس. فقلت له: هل هذا يعني أن جسد المسيح يتم تقسيمه عشرة آلاف مرة في اليوم الواحد؟ قال لي: من قال لك إننا نتناول من ذبائح المسيح؟ أي أن العشرة آلاف قداس هم ذبيحة المسيح الواحدة، ويحق لي ككاهن أن أحصل على جزء منه، فأخذتُ هذا الجزء ووضعته في علبة تُسمى بعلبة الذخيرة، وتوقعت في هذا اليوم أن تنفجر بي السيارة، حيث إنني أمتلك جزءًا من جسد المسيح -أي من الإله-، ولكن عندما فتحت العلبة في اليوم الثاني وجدت أن هذا الجزء أصبح صلبًا نوعًا ما، وفي اليوم التالي زادت الصلابة إلى أن تكونت عليه هالة سوداء، وقمت بإلقائه في القمامة.
ومن هنا أصبح القداس في حياتي ليس له أي علاقة بالعقيدة النصرانية، والبابا شنودة استشعر حينها أنني غير مؤمن بالعقيدة فقط، ولكن من استشعر فكرة إسلامي هو الأنبا بيشوي وكان حينها سكرتير المجمع المقدس.
وما ناقشت فيه البابا هو لبّ العقيدة الأرثوذكسية وتم بعدها عقد مجلس إكليريكي، وهذا المجلس عبارة عن مجلس تأديب والذي صدر فيه قرار وقفي عن العمل أكثر من مرة، وحصلت على شهادة من البطريركية القبطية الأرثوذكسية بالقاهرة بتركي الكهنوت ورجوعي إلى اسمي بشهادة الميلاد وهو منير ملك داود.
ومن هنا نما إلى فكر البابا شنودة بأنني أريد الخروج من عباءة النصرانية، مما دعاني إلى تهدئة الأمر منذ عام 2003م إلى عام 2008م، حيث إنني أشهرت إسلامي عام 2008م وحتى هذه الفترة أمارس عبادات الإسلام في السر، وقمت بتعليم نفسي بنفسي عن طريق المصحف المعلم، فمن يدخل الإسلام يكون أقوى من المسلم بالوراثة أحيانًا، إلا أنه تكون هناك نظرة غريبة من البعض تشير بأنه كان يومًا ما مسيحيًّا.
--*--* بماذا تنصح الشباب المسيحي؟
- أنصح كل مسيحي أن يقرأ الإنجيل كي يصل إلى القرآن؛ لأن القرآن بالنسبة له هو شهادة الخصوم، ولذا فعليه أن يحب الإنجيل ويطلع إليه كي يصل من خلاله إلى القرآن؛ لأنه سيجد في الإنجيل العديد من المتناقضات التي ستهدم له العقيدة النصرانية أولاً، ثم عليه أن يبدأ في ترسيخ وبناء عقيدة الإسلام. حيث إن السيِّد المسيح -عليه السلام- لم ينسب لنفسه صفة الألوهية قطّ، بل نفاها عن نفسه، والأغلبية الساحقة التي يتم الاعتماد عليها في الكنائس هي أن المسيحي لا يفكر؛ أي عندما يَسأل أيّ شخص عن كيفية ولادة المسيح وكيف يعيش في الجسد وهو الله؟ يتم الرد عليه بأن هذه إيمانيات لا يمكن التفكير فيها، وهذا في حد ذاته كافٍ لطمس الحقيقة عن أي شخص مستنير..
فجميعهم الآن يتهمني بأنني بعتُ المسيح على الرغم من أنني من أكثر الناس الذين اشتروه؛ لأن من يبيعه هو من يضعه في غير موضعه؛ أي وضعه على كرسي الألوهية بدلاً من كرسي الرسل، وقالوا لي آية من الإنجيل وهي (من ينكرني أمام الناس أنكره أمام أبي الذي في السماوات)، وهو لا يقصد بذلك إنكاره كإله، فهذه الآية قد تزعزع كل مسيحي يرغب في الاستنارة أو الفهم، ولكن يجب على المسيحي المستنير أن يقرأ الإنجيل بتفسيره الظاهري لا بتأويل التفاسير الأخرى.
--*--* أين أسرتك الآن؟ وهل أسلمت معك أم ظلت على المسيحية؟
- أما أمر أسرتي فقد تركتهم تمامًا، حيث إن زوجتي رفعت قضية خلع وهي الآن متزوجة من مسيحي ومعها أولادي الاثنان، وأنا الآن أشعر بأنه لا ينقصني شيء، على الرغم من أنه ينقصني كل شيء؛ حيث إنني فقدت أسرتي وأولادي، إلى جانب العامل المادي حيث إن راتبي في الكنيسة كان مغريًّا جدًّا.
وعن السبب في انتقاله إلى مجال الدعوة يؤكد أن أحد مشايخ الإسكندرية قال له: إن أي مسيحي يعلن إسلامه يظل في وظيفته كما هي، أي أن المهندس يظل مهندسًا، والطبيب يظل طبيبًا، وأنا كنت كاهنًا فيجب أن أكون شيخًا في الإسلام؛ لذلك سلكت طريق الدعوة إلا أنني اتبعت نهج الهدم لا البناء. والسبب في أنني ما زلتُ متواصلاً مع بعض الأقباط هو أنني لم أذكر الكنيسة ولا البابا بأي سوء، إلا أنني أتحدث معهم في جانب العقيدة، خاصة وأنني كنت أردِّد الترانيم بصوت جيد، ولي العديد من شرائط الكاسيت التي أود أن أحوِّلها إلى شرائط قرآن وتفسير، وأول مرة اعتليت فيها المنبر كانت بمسجد أبو بكر بشبرا وتم تسجيل الخطبة، ولكنني كنت مصدومًا عندما استمعت إليها مرة أخرى، ولم أكن مصدقًا أنني من ألقى هذه الخطبة.
ويوجِّه الشيخ مؤمن إبراهيم اللوم إلى لجنة الإشهار بالأزهر، حيث إن المعاملة قد يشوبها في وقت ما جفاء من جانبهم، وكذلك يقول: يجب على بعض المسلمين أن تكون معاملتهم جيدة تجاه من يشهر إسلامه، وأن يحتويه في بداية الأمر، ويساندوه ماديًّا ومعنويًّا؛ لأن من الممكن أن يهتز في أي لحظة ويعود للمسيحية مرة أخرى، خاصة وأن أي شاب يدخل الكنيسة ويخبرهم بأنه يريد أن يتنصّر ولكن أمامه بعض المشاكل، يتم حل هذه المشاكل على الفور، فيجب أن يتم وضع مبدأ ما بعد الإسلام في الأذهان.
وشعوري في الإسلام يغلب عليه الحزن أكثر من الفرح من جانب المسيحيين والمسلمين، حيث إنني حزين على حال المسيحيين وما هم عليه من ضلال، رغم أن كل حياتهم عبارة عن عبادات لكن لن تُحسب لهم في الآخرة، فأنا حزين على عملهم الذي يضيع هباءً منثورًا.