بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
• قوله تعالى : (قُلْ) أي مُتعوّذا .
(أَعُوذُ) أي : الجأ وألوذ ، واعتصم .
(بِرَبِّ الْفَلَقِ) أي : فالق الاصباح .
• (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) أي : من شر جميع المخلوقات ، وهذا يشمل جميع ما خلق الله ، من إنس ، وجن ، وحيوانات ، فيُستعاذ بخالقها من الشر الذي فيها ، ثم خصّ بعد ما عمّ ، فقال :
• (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) أي : من شر ما يكون في الليل ، حين يغشى الناس ، وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة ، والحيوانات المؤذية .
قال مجاهد : غاسق الليل إذا وقب غروب الشمس . حكاه البخاري عنه وكذا قاله ابن عباس وغيره .
وقال آخرون هو القمر وعمدة أصحاب هذا القول ما رواه الإمام احمد عن الحارث بن أبي سلمة قال : قالت عائشة رضي الله عنها : [ أخذ رسول الله بيدي فأراني القمر حين طلع وقال : تعوذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب ] .
المقصود : ان القمر إذا طلع أي هو آية الليل إذا ولج ، والقمر آية الليل ، ولا يوجد له سلطان إلا فيه والله أعلم
• وقوله تعالى : (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) يعني : السواحر إذا رقَـيـْنَ ونفثْنَ في العقد .
وقال المفسر الثعلبي في تفسيره قال ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما : كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدبّت اليه اليهود فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم وعدّة من اسنان مشطه فأعطاها اليهود فسحروه فيها .
وروى الإمام احمد بسنده إلى زيد بن أرقم قال [ سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود ، فاشتكى لذلك أياما قال : فجاء جبريل فقال : أن رجلا من اليهود سحرك وعقد لك عقدا في بئر كذا وكذا فأرْسِل اليها من يجيء بها ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستخرجها فجاء بها فحللها ، قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال ، فما ذكر ذلك لليهودي ولا رآه في وجهه حتى مات ] .
• (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) والحاسد : هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود ، فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب ، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره ، وإبطال كيده .
ويدخل في الحاسد العاين ، لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع ، خبيث النفس .
فهذه السورة تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشر ، عموما وخصوصا .
آخر اختصار تفسير سورة الفلق
ولله الحمد والمنة