منتدى القفطان المغربي
 تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )  Ezlb9t10
منتدى القفطان المغربي
 تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )  Ezlb9t10
منتدى القفطان المغربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى القفطان المغربي

اهلا وسهلا بكـٍ يا فى
https://caftandumaroc.forummaroc.net اخر زياره لكـ كانت فى
الأربعاء ديسمبر 31, 1969
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
روعة المنتدى
نائبة المديرة
نائبة المديرة
روعة المنتدى


sms sms :

اللهم اجعل حضوري في قلوب الناس
كـ المطر يبعث الربيع ويسقي العطشى

الجنس : انثى
العذراء
عدد المساهمات : 35966
تاريخ التسجيل : 10/06/2011
الموقع : بين من اختارهم قلبي
العمل/الترفيه : مشرفه سابقا قسم الحمل والولاده والاستشارات الطبيه
المزاج : هادئة جدا.

 تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )  Empty
مُساهمةموضوع: تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )     تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )  Emptyالأحد فبراير 10, 2013 7:53 am




السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته





[center]تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا
)

الحمد لله
هذه الآية من أعظم الأدلة على أن الشريعة
الإسلامية هي الشريعة المناسبة للتكوين النفسي والعقلي والجسدي للإنسان ، وأن أحد
أهم قواعدها التي تقوم عليها مناسبة " الطبيعة البشرية " المجبولة على الضعف والوهن
مهما علت النفوس وتكبَّرت ، فهي في حقيقتها ومآلها ضعيفة لا تقوى إلا على ما
يناسبها ويشاكلها .
وبهذا كانت الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان ، فقد
جاء قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ) النساء/28، تذييلا وتبيينا
لحكمته سبحانه وتعالى في تشريع بعض الأحكام ، وأن سبب هذه التشريعات اليسيرة
الرحيمة هو مناسبتها لطبيعة الإنسان الضعيفة الفقيرة ، وهذا ما يتبين لمن يقرأ سياق
الآيات الكريمات في قوله عز وجل : ( يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ
وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ
عَلِيمٌ حَكِيمٌ . وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ
يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا . يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ
يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ) النساء/26-28.
يقول
العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :
" قوله : ( وخلق الإنسان ضعيفا ) تذييل
وتوجيه للتخفيف ، وإظهار لمزية هذا الدين ، وأنه أليق الأديان بالناس في كل زمان
ومكان ، ولذلك فما مضى من الأديان كان مراعى فيه حال دون حال ، ومن هذا المعنى قوله
تعالى : ( الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ) الآية
في سورة الأنفال/66، وقد فسر بعضهم الضعف هنا بأنه الضعف من جهة النساء ، قال طاووس
ليس يكون الإنسان في شيء أضعف منه في أمر النساء ، وليس مراده حصر معنى الآية فيه ،
ولكنه مما روعي في الآية لا محالة ؛ لأن من الأحكام المتقدمة ما هو ترخيص في النكاح
" انتهى من " التحرير والتنوير " (5/22)
وهذا الذي اختاره العلامة الطاهر بن
عاشور رحمه الله من حمل " الضعف " في الآية على جميع أنواع الضعف البشري هو الأقوى
والأنسب في التفسير ، وإلا فقد ذكر ابن الجوزي رحمه الله ثلاثة أقوال في الآية فقال
:
" في المراد بـ ( ضعْف الإنسان ) ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه الضعف في أصل
الخلقة ، قال الحسن : هو أنه خُلق من ماءٍ مهين .
والثاني : أنه قلة الصبر عن
النساء ، قاله طاوس ، ومقاتل .
والثالث : أنه ضعف العزم عن قهر الهوى ، وهذا
قول الزجّاج ، وابن كيسان " انتهى من " زاد المسير " (1/395)
ولكن القاعدة
المهمة في تفسير القرآن الكريم أنه كلما كان من الممكن حمل معاني القرآن على العموم
والشمول كان أقرب إلى الصواب ؛ وأن الأقوال إذا لم تكن متناقضة ، وأمكن حمل الآية
عليها جميعها كان أوفق في التفسير . يمكن مراجعة ذلك في كتاب " قواعد الترجيح عند
المفسرين " (ص/41-44).
يقول ابن عطية الأندلسي رحمه الله :
" المقصد الظاهر
بهذه الآية أنها في تخفيف الله تعالى ترك نكاح الإماء بإباحة ذلك ، وأن إخباره عن
ضعف الإنسان إنما هو في باب النساء ، أي : لمَّا علمنا ضعفكم عن الصبر عن النساء
خففنا عنكم بإباحة الإماء ، وكذلك قال مجاهد وابن زيد طاوس .
ثم بعد هذا المقصد
تخرج الآية في مخرج التفضل ؛ لأنها تتناول كل ما خفف الله تعالى عن عباده ، وجعله
الدين يسرا ، ويقع الإخبار عن ضعف الإنسان عاما ، حسبما هو في نفسه ضعيف يستميله
هواه في الأغلب " انتهى من " المحرر الوجيز " (2/40-41) .
ويقول ابن جزي
الغرناطي رحمه الله :
" ( وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً ) قيل : معناه : لا
يصبر على النساء ، وذلك مقتضى سياق الكلام ، واللفظ أعم من ذلك " انتهى من "
التسهيل " (1/188) .
ويقول ابن القيم رحمه الله – بعد أن ذكر بعض أقوال السلف
في تفسير الآية - :
" والصواب أَن ضعفه يعم هذا كله ، وضعفه أَعظم من هذا وأَكثر
: فَإنه ضعيف البنية ، ضعيف القوة ، ضعيف الإرادة ، ضعيف العلم ، ضعيف الصبر ،
والآفات إليه مع هذا الضعف أَسرع من السيل في الحدور " انتهى من " طريق الهجرتين "
(1/228) .
ويقول العلامة السعدي رحمه الله :
" ( يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ
يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ) وذلك لرحمته التامة وإحسانه الشامل ، وعلمه وحكمته بضعف
الإنسان من جميع الوجوه ، ضعف البنية ، وضعف الإرادة ، وضعف العزيمة ، وضعف الإيمان
، وضعف الصبر ، فناسب ذلك أن يخفف الله عنه ما يضعف عنه وما لا يطيقه إيمانه وصبره
وقوته " انتهى من " تيسير الكريم الرحمن " (ص/175) .
ولذلك فالأنسب في تفسير
أوجُه " الضعف البشري " في الآية الكريمة حملها على إطلاقها ، لتشمل جميع جوانب
الضعف : النفسية ، والبدنية ، والعقلية ، والعاطفية ، والتركيبية ، فالإنسان ضعيف
النفس بسبب نوازع الخير والشر المخلوقة فيه ، إلى جانب الوساوس والأهواء التي تعرض
له أيضا ، وهو ضعيف البدن أيضا بسبب ما يعرض له من الآفات والأسقام ، وبالمقارنة مع
كثير من المخلوقات عظيمة الخلق ، وهو ضعيف العقل بسبب قدراته المحدودة التي تخوله
من النجاح والإبداع ولكن في حدود المنظور في هذا الكون وما يمكن القياس عليه ، كما
أنه ضعيف في الجوانب العاطفية والشعورية ، فيتأثر أسرع تأثير بما يبكيه أو يفرحه أو
يُجبِنُه أو يُبخِله أو يشجعه أو يخوفه .
فلكل هذه الأوجه من الضعف والفقر شرع
الله عز وجل لنا ما يناسبنا ، وخفف عنا فلم يكلفنا فوق طاقتنا ، فكانت شريعتنا
شريعة التخفيف والتيسير ، كما قال سبحانه وتعالى : ( الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ
عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ) الأنفال/66.
يقول ابن عباس رضي الله
عنهما :
" ثَمَانِ آيَاتٍ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ هِيَ خَيْرٌ لِهَذِهِ
الْأُمَّةِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ ، أَوَّلُهُنَّ :
(يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ) النساء/26 ثَلَاثًا مُتَتَابِعَاتٍ ،
وَالرَّابِعَةُ : ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ
عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ) النساء/31،
وَالْخَامِسَةُ : ( إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ
حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا ) النساء/40، الْآيَةَ ، وَالسَّادِسَةُ : ( وَمَنْ يَعْمَلْ
سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا
رَحِيمًا ) النساء/110، وَالسَّابِعَةُ : ( إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ
بِهِ ) النساء/48 الْآيَةَ ، وَالثَّامِنَةُ : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ
وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ ) النساء/152 " الْآيَةَ "
رواه البيهقي في " شعب الإيمان " (9/346) .

[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
روعة المنتدى
نائبة المديرة
نائبة المديرة
روعة المنتدى


sms sms :

اللهم اجعل حضوري في قلوب الناس
كـ المطر يبعث الربيع ويسقي العطشى

الجنس : انثى
العذراء
عدد المساهمات : 35966
تاريخ التسجيل : 10/06/2011
الموقع : بين من اختارهم قلبي
العمل/الترفيه : مشرفه سابقا قسم الحمل والولاده والاستشارات الطبيه
المزاج : هادئة جدا.

 تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )     تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )  Emptyالأحد فبراير 10, 2013 7:53 am

وللتوسع في شرح أنواع الضعف
البشري يمكن مراجعة مقال رائع لفضيلة الدكتور عبد الكريم
بكار





الإنسان هذا المخلوق العجيب هو صنعة الله تعالى
المحكمة الدقيقة هذا الإنسان الذي يبدو للوهلةالأولى في منتهى البساطة مشتمل على كل
أشكال التعقيد ، إنه يبدو قوياً مخيفاً مع أنه في حد ذاته ضعيف في كل جانب من جوانب
شخصيته ضعفاً لا يوازيه شيء سوى ما يدعيه من القوة والعزة والسطوة !
إن هذه
الكلمات القرآنية الثلاث قد لخّصت لنا جوهر الإنسان ، لكن دون أن تضع لنا الإصبع
على مفردات ذلك الضعف ومظاهره ليظل اكتشافها التدريجي عبارة عن دروس وعظات مستمرة
تذكر الإنسان بحقيقته ، وسوف ينفذ العمر دون أن نحيط بحقيقة أنفسنا .

ويمكن
أن نسلط الضوء على بعض ما أدركناه من ضعفنا وبعض ما يجب علينا تجاه ذلك في الكلمات
التالية :
1- تَبَصّر بني الإنسان عل الرغم من التقدم المعرفي الكبير بأجسامهم
مازال محدوداً إلى يوم الناس هذا ، فهناك أجزاء من أجسامنا مازالت مناطق محرّمة ،
فعلم الدماغ مازال علم إصابات أكثر من أن يكون علم وظائف وتشريح ، ومركبّات الأنسجة
والسوائل المختلفة في أجسامنا وتفاعلها مع بعضها مازال الكثير منها مجهولاً ، فإذا
ما دلفنا إلي مناطق المشاعر والإدراك وصلاتها وتفاعلاتها بالجوانب العضوية ، وجدنا
أن كثيراً مما لدينا ظنون وتخرصات أكثر من أن يكون حقائق .
فإذا ما خطونا خطوة
أخرى نحو العالم الوجداني والروحي وجدنا أنفسنا في متاهات وسراديب ، حتى إن الفردية
لتطبع كل ذرة من ذرات وجودنا المعنوي ، مما يجعل إمكانات الفهم ووضع النواميس
والنظم العامة أموراً قليلة الفاعلية محدودة النجاح .
إن الباحثين في مجالات
علوم الإنسان يجدون الطرق متشعبة ملتوية كلما تقدموا نحو الأمام ، على حين أن
الباحثين في علوم الطبيعة يستفيدون من أنواع التقدم المعرفي الأفقي في إضاءة ما بقي
مظلماً من مسائل الطبيعة والمادة . وتقدّس الله تعالى إذ يقول : ] ويسألونك عن
الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا [ [الإسراء : 85]

ويزداد ظهور ضعف الإنسان حين يدخل الإنسان في صراع بين عقله ومشاعره حيث يجد
نفسه عاجزاً عن دفع مشاعره والخلاص من وساوسه والتغلب على مخاوفه أو معرفة مصدرها
في بعض الأحيان ، ليدرك المرة تلو المرة أنه مع طموحه إلي السيادة على الأرض وغزو
الفضاء قاصر عن السيطرة على نفسه !
إن فاعلية كل رأي ودقته نابعان من مجموعة
العمليات التي يستند إليها فحين تكون تلك العمليات ظنية وعائمة فإن آراءنا الطبية
والنفسية سوف يظل كثير منها هشاً ونسبي الصواب .

2- هذا الإنسان الضعيف لا
يستطيع أن يبصر الأمر إلا ضمن شروط ومعطيات زمانية ومكانية وثقافية خاصة ومحدودة ،
فهو لا يستطيع أن يتخلص من محدودية الرؤية وضرورة النظر من زاوية معينة ، وهذا هو
السرّ الأكبر في أننا لا نملك أن نتفق حول كثير من ا لمسائل والقضايا المطروحة . إن
خصوصية تكويننا وظروفنا ومشاعرنا تدفع مواقفنا وآراءنا إلى التفرد ، ومن ثم فإننا
نعجز عن توحيد الرؤية وبسط الرأي الواحد في أكثر شؤوننا .

3- نحن عاجزون عن
إدراك الأشكال النهائية لأكثر حقائق هذا الكون دفعة واحدة ، فالحقائق لا تسفر لنا
عن كل أبعادها وأطوارها إلا على سبيل التدرج ، ومن ثَمّ فإن الإنسان الضعيف يظل
يكتشف عجزه باستمرار ، وكأن ما يحرزه من التقدم اليوم ليس إلا عنواناً على ما كان
يجهله بالأمس ، وما سيصل إليه غداً ليس إلا رمزاً على ما يجهله اليوم ، ومن ثم فإن
التغيير والتطوير يظلان ملازمين لكل إنتاجاتنا وإبداعاتنا علي مقدار ما نحرزه من
تقدم في العلم والفهم ، والمقولة التي لا يفتأ هذا المخلوق الضعيف يرددها : » لو
استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كذا، ولقلت كذا .. ، وانطلاقاً من هذا فإن من
سمات النظريات العلمية الناجحة أن تكون منفتحة وذات قابلية جيدة للإضافات التي تأتي
بها حركة كشف الحقائق وإدراك المجهولات .

4- هذا الإنسان الضعيف لا يستطيع
أن يجزم بشيء مقطوع من حوادث المستقبل ، فمهما أدرك المرء الظروف والعوامل
والمؤثرات التي تحيط به لم يستطع أن يعرف ماذا سيحدث له بعد شهر أو يوم أو ساعة ،
وأعظم أطباء الدنيا لا يستطيع ضمان استمرار حياته أو حياة غيره ساعة من زمان ، ومن
ثمّ فإن القلق والخوف من المستقبل هما الهاجس الجاثم فوق صدر الإنسان الحديث الذي
فقد الإيمان وفضيلة الدمج بين الحياة الدنيا والآخرة ، والمتأمل في كثير من الأقوال
والتصريحات والدراسات يجد أن خبراء الاستراتيجية هم أكثر الناس مجازفة ولا سيما
عندما يشرعون في سرد التفاصيل للأحداث المتوقعة ، حيث تقصر طاقات البشر وإمكاناتهم
عن التنبؤ بها [2] .

5- أكثر ما يظن فيه عجز الإنسان وضعفه هو الإمكانات
التي يمتلكها لفهم الواقع المعاش بكلياته وجزئياته ومشكلاته وخباياه ، وقد كثرت في
أيامنا هذه الدعوة إلى فهم الواقع وفقهه ، وهي دعوة مهمة ، لكنها تخفي في طريقة
طرحها نوعاً من التبسيط للمسألة ، حيث إن فهم الواقع أو مقاربته مسألة من أعقد ما
يواجهه العقل البشري ، فالقيم التي نؤمن بها تتحكم إلى حد كبير في رؤيتنا لذلك
الواقع ، وكثيراً ما تشكل حائلاً بيننا وبين رؤية حقيقة ما يجري فيه . والعقل
الإنساني حتى يلامس الواقع فإنه يفترض ثباته وجموده ، على حين أن الواقع يظل محطّة
لتدفق التحولات المشعثة الكثيرة والحادة أحياناً مما يجعل إدراكنا قاصراً عن
ملاحقته ، وبالتالي فإن أحكامنا تصدر على أشياء فائتة ومنتهية ومن هنا فإنه لابد من
بناء (إشكالية) ، يتم من خلالها تقسيم الواقع إلى قضايا يمكن تحديدها وتقديم إجابات
وحلول لها ، والنمط الذي سنصور الواقع من خلاله هو عبارة عن صورة عقلية مركبة تدخل
فيها رؤانا العقدية إلى جانب العناصر المعرفية والقيم الاجتماعية التي ترشد حركة
المجتمع ، ومادام كل ذلك متفاوتاً عند الناس فإن عجزنا عن لمّ الخلاف سوف يظهر أكثر
وأكثر عندما نحاول تقويم الواقع وإصدار الأحكام عليه .
وهذا ما سيؤدي بالتالي
إلى اختلافات كثيرة في مناهج الإصلاح ومشروعات النهوض الحضاري ، وهنا يظهر مرة أخرى
مأزق وهن الإنسان حيث إن التقدم العلمي لا يتحقق دون الإغراق في التخصص ، والتقدم
يستمد مشروعيته وأهميته من كونه يقدم الأدوات التي تساعد على إصلاح شأن الإنسان
وترشيد قراراته ، لكن الإغراق في التخصص يحول دون فهم الواقع ودون فهم حاجات
الإنسان المختلفة من منظور شامل ، إذ إن مجال التخصصات هو الجزئيات ، وفهم الواقع
الإنساني يحتاج إلى رؤى ونظريات كلية لا تتوفر عادة عند الاختصاصيين .. ومن هنا
ندرك لماذا نرى تقدم المعرفة وتأخر الإنسان وانحداره شيئاً فشيئاً نحو البربرية !
إننا عاجزون عن رعاية شؤوننا إذ اما ابتعدنا عن الانتفاع بالهداية الربانية .


الموقف الموضوعي مما سبق :
إذا كان الإنسان على ما ذكرنا من العجز
والقصور فإن عليه أن يطامن من نفسه ، ويخضع لقيوم السموات والأرض خضوع العارف بضعته
المدرك لعظمة خالقه متخذاً من ذلك باباً للأوبة والتوبة الدائمة .
وعلى الإنسان
مع ذلك أن يحترم عقله وقدراته فلا يزجّ به في مجاهيل وغيوب لا يملك أدنى مقدمات
للبحث فيها ، حتى لا يتناقض واقعه مع ذاته ومن المنهجية القويمة أن نعلّم أنفسنا
الصبر على الاستقراء والتأمل وعدم المسارعة إلي إطلاق الأحكام الكبيرة قبل التأكد
من سلامة المقدمات التي تستند إليها ، وحين نصل إلي حكم ظني فإنه علينا أن نصوغة
بطريقة تُشعر المطلع عليه بذلك ، فلا نسوق القطعيات مساق الظنيات ، ولا الظنيات
مساق القطعيات . ويروون عن الإمام مالك رحمه الله أنه كان كثيراً ما يردد قوله
تعالى ] إن نظنُّ إلا ظنَّاً وما نحن بمستيقنين[ [الجاثية : 32] وذلك عندما يُستفتى
فيفتي ، وقد عتب الإمام الجويني على الماوردي أنه كان في كتابه » الأحكام السلطانية
« يسوق المظنونات والمعلومات على منهاج واحد « [3] . مع أن النصوص في مجالات »
السياسة الشرعية « قليلة ، وأكثر المسائل فيها مبنية على الاجتهاد .
إن الوضعية
التي وضع الله تعالى فيها الإنسان تحتم أن نظل في حالة من الاستعداد الدائم لقبول
الحق أياً كان مصدره والتراجع عن الخطأ وتعديل الرأي وامتلاك فضيلة المرونة الذهنية
، وعلى الله قصد السبيل .


(1) النساء : 28 .
(2)
اقرأ إن شئت ما كتبه (نيكسون) في كتابه (نصر بلا حرب) عن المستقبل الذي يتوقعه
لروسيا ثم ما آلت إليه الأمور ! .
(3) انظر الغياثي : 142 تحقيق د عبد العظيم
الديب .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
د.بشرى
ادارة المنتدى ودكتورة طب عام
ادارة المنتدى ودكتورة طب عام
د.بشرى


sms sms : لا تنس ذكر الله.
الجنس : انثى
الثور
عدد المساهمات : 39326
تاريخ التسجيل : 09/06/2011
العمل/الترفيه : طبيبة عامة في القطاع الخاص.
المزاج : هادئة جدا.

 تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )     تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )  Emptyالأحد فبراير 10, 2013 9:16 am


<a href="http://www.gulfup.com/" target="_blank" title="مركز تحميل الصور"><img src="http://im34.gulfup.com/pTBPL.gif" border="0" alt="مركز تحميل الصور" /></a>
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
روعة المنتدى
نائبة المديرة
نائبة المديرة
روعة المنتدى


sms sms :

اللهم اجعل حضوري في قلوب الناس
كـ المطر يبعث الربيع ويسقي العطشى

الجنس : انثى
العذراء
عدد المساهمات : 35966
تاريخ التسجيل : 10/06/2011
الموقع : بين من اختارهم قلبي
العمل/الترفيه : مشرفه سابقا قسم الحمل والولاده والاستشارات الطبيه
المزاج : هادئة جدا.

 تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )     تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )  Emptyالسبت فبراير 16, 2013 4:38 am

عطرتي صفحتي بتواجدك العطر
فلا تحرميني طلتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير قوله تعالى : ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير قوله تعالى في ظلمات ثلاث
»  تفسير قوله تعالى :-((يوم تبلى السرائر))
» تفسير قوله تعالى ففروا إلى الله
»  تفسير قوله تعالى : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )
»  تفسير قوله تعالى { يمحو الله ما يشاء ويثبت }

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى القفطان المغربي :: القســــم الاسلامي :: قســم القـــرآن الكريــــم-
انتقل الى: