بعد يوم طويل وصعب من العمل
وضعت أمي الطعام أمام أبي على الطاولة وبجانبه خبزاً محمصاً لكن الخبز كان محروقاً تماماً ..
أتذكر أنني ارتقبت طويلاً كي يلحظ أبي ذلك ..
ولا أشك على الإطلاق أنه لاحظه إلا أنه مد يده إلى قطعة من الخبز وابتسم لوالدتي ،
وسألني كيف كان يومي في المدرسة .
لا أذكر بماذا أجبته ، لكنني أتذكر أني رأيته يدهن قطعة الخبز بالزبدة والمربى ويأكلها كلها .
عندما نهضت عن طاولة الطعام تلك الليلة ،
أتذكر أني سمعت أمي تعتذر لأبي عن حرقها للخبز وهي تحمصه ،
ولن أنسى ردَّ أبي على اعتذار أمي .
”حبيبتي .. لا تكترثي بذلك ! ..
أنا أحب أحياناً أن آكل الخبز محمصاً زيادة عن اللزوم وأن يكون به طعم الإحتراق“
في وقت لاحق تلك الليلة عندما ذهبت لأقبل والدي قبلة ”تصبح على خير“
سألته إن كان حقاً يحب أن يتناول الخبز أحياناً محمصاً إلى درجة الإحتراق ...
فضمني إلى صدره وقال لي هذه الكلمات التي تبعث على التأمل :
يا بني .. أمك اليوم كان لديها عمل شاق وقد أصابها التعب والإرهاق في يومها ..
وهناك أمر آخر .. إن قطعاً من الخبز المحمص زيادة عن اللزوم أوحتى محترقة ،
لن تضر أو تؤذي أحداً .
الحياة مليئة بالأشياء الناقصة وليس هناك شخص كامل لا عيب فيه .
علينا أن نتعلم كيف نقبل النقصان في الأمور وأن نتقبل عيوب الآخرين
وهذا من أهم الأمور في بناء العلاقات وجعلها قوية مستديمة .
خبزٌ محمصٌ محروقٌ قليلاً لا يجب أن يكسر قلباً
التفاهم والتسامح وشدة الاحتمال هي أمور أساسية لبناء علاقة طيبة .
عليك يا بنيَّ أن تكون في بعض الأحيان لطيفاً أكثر من اللزوم
لأن الناس حينها تكون في بحث عن جذوة كي تشعل حرباً .
مما راق لي .