بسم الله الرحمن الرحيم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إدرار الحليب في ثدي الأم المرضع تتم من خلال
آلية فيزيولوجية بالغة الدقة والتعقيد ، وهي هبة الله تعالى لمخلوقاته الصغار ..
فالطفل الرضيع عندما يشم رائحة الحليب يدور برأسه باحثا عن مصدر الحليب ، وهذا
المنعكس يسمى منعكس البحث والتنقيب Rooting Reflex ، فإذا لامس خده حلمة الثدي ،
فتح فمه فوراً والتقم هذه الحلمة ، وبمجرد ملامسة هذه الحلمة لسقف حلق الرضيع ينشط
منعكس آخر هو منعكس المص Sucking Reflex ، وما هو في الحقيقة إلا عملية عصر الجيوب
الحليبية في منطقة الهالة فيتدفق منها الحليب إلى فم الطفل ، فإذا لامس الحليب فم
الطفل بدأ منعكس آخر هو منعكس البلع Swallowing Reflex. وهكذا يتوالى تدفق الحليب ،
وتتم رضاعة هذا المخلوق الضعيف …
ويجب أن يكون معلوما للأم المرضع ، بأن
أفضل مدرر للحليب هو رضاعة الطفل من ثدي أمه بشكل منتظم بحيث يفرغ كامل الثديين ،
وكلما كانت قدرة الطفل على المص أكبر ، وحاجته للحليب أكثر ، كلما كان إدرار الحليب
أفضل ، ولذلك كلما كبر الطفل وتقدمت عملية الإرضاع كان الحليب أكثر ، وبالعكس
فالحليب يقل إذا لم يرضعه الطفل وبقي مخزونا في صدر أمه . ولعل من أهم عوامل عدم
كفاية حليب الأم هي : فقدان الأم للدعم والتشجيع ، وانعدام ثقتها بنفسها ،
واعتقادها بعدم وجود حليب كافٍ فيها لإشباع رضيعها ( أي عوامل نفسية محبطة ) . ثم
ضعف الطفل نفسه على مص الحليب وإفراغه من الثديين لأي سبب من الأسباب . من هنا كانت
العوامل النفسية مهمة جدا للمرأة المرضع وخاصة ذات الطفل الأول ، فالإيمان والسعادة
والهدوء والاسترخاء والثقة ، من أهم عوامل إدرار الحليب ، والعكس مع الخوف والقلق
والتوتر.
وعلى الطبيب الحاذق أن يلحظ كل شواغل الأم ، ويزيل كافة أسباب
قلقها ، ويجيب على كامل تساؤلاتها. فالأم تقلق وتخاف من أن طفلها يمكن أن يكون قد
أصابه شيء غير طبيعي عندما : يبكي ، أو ينام كثيرا ، أو يعطس ، أو يقلس الحليب (
نوع من التقيؤ الخفيف ) …إلخ .
فإذا جاءها التطمين من الطبيب بأن الطفل
يبكي لأنها الوسيلة الوحيدة لديه للتعبير عما يريد ، فلا داعٍ للخوف من البكاء ما
لم يخرج عن حدوده المعقولة ، بدليل أنه يسكت عندما تلبي الأم حاجته من رضاعة وتنظيف
وحمل من المهد … إلخ
وكذلك النوم للمواليد الجدد أمر طبيعي ، فمعدل نوم
المولود الجديد قد يصل إلى أكثر من ستة عشر ساعة يوميا للأيام والأسابيع الأولى ،
وخاصة إذا كانت أمه قد تناولت مهدئات أثناء الولادة ، ثم يقل بالتدريج ليصل إلى
حوالي أربعة عشر ساعة يوميا في نهاية السنة الأولى ، وهكذا ، فلا داعي للقلق من هذه
الناحية أيضا .
وأما العطاس ، فهو منعكس فيزيولوجي طبيعي لتنظيف المجاري
التنفسية ، وكذلك القلس ( نوع من التقيؤ الخفيف )، أمر فيزيولوجي طبيعي ناجم عن
رخاوة ولادية بسيطة في الصمام الفاصل ما بين المريء والمعدة ، سرعان ما يزول مع
مرور الوقت ( غالبا في النصف الثاني من السنة الأولى) ، وهو غير مؤثر على نمو
الطفل.
والأم تقلق وتخاف من أن لا يكون حليبها كافٍ وجيد لطفلها ،
وتقلق أكثر عندما لا ترى أي حليب في ثديها في الأيام الأولى ، ما عدا بضع قطرات من
مادة صمغية صفراء ، فإذا ما علمت بأن هذا هو السياق الطبيعي للأمور ، وبأن هذه
المادة الصفراء ، التي هي اللبأ Colostrum ضرورية جدا لصحة الطفل ومناعته ، فإنها
ستهدأ وترتاح بالتأكيد.
وكذلك تقلق وتخاف من احتقان الثدي وألم
الحلم الناتج عن التدفق المفاجئ للحليب اعتبارا من اليوم الرابع ، وهذا أمر طبيعي
أيضا ، فالحليب لا يدر إلا بعد إعطاء فرصة لمعدة الطفل أن تتوسع وتلفظ ما فيها من
أوشاب كان الطفل قد ابتلعها وهو داخل رحم أمه ، وبالتالي تكون جاهزة لاستقبال
الحليب ، ويكون الطفل نفسه مستعدا للرضاعة بعد أن تأقلم مع الوضع الجديد ، واستراح
من معانات رحلته المريرة وكثير من الأمهات لا يرتحن لإرضاع أطفالهن في جو مفتوح
وأمام الغرباء ، وهذا أمر عادي في مجتمعاتنا المحافظة ، وما أسهل أن تجد الأم
المرضع مرطا يسترها ويستر رضيعها أثناء الرضاعة .
وأمهات يقلقن لنزول
أوزان أطفالهن في الأسبوع الأول عن معدله لحظة الولادة ، وهذا أمر طبيعي ومتوقع ،
إذا علمنا بأن الطفل في هذه الفترة غير ميال للرضاعة ، ويفضل الخلود للراحة والنوم
، في الوقت الذي يفقد فيه السوائل من خلال عملية التبخر عبر سطح جلده الواسع نسبيا
، وخاصة في أجوائنا الحارة ، من هنا فقد أكدنا في فقرة سابقة على ضرورة الانتباه
لهذه النقطة بالذات ، والتفريق ما بين أجوائنا وأجواء البلاد التي درسنا فيها أو
قرأنا كتبها ، وبالتالي عدم حرمان أطفالنا الأعزاء من قطرات الماء في صيف تموز
المحرق ، وتعريضهم لما لا تحمد عقباه بدون مسوغ.
وأمهات يقلقن وهن في
المستشفى ، حيث يفكرن بالبيت والأولاد من بعدهن. وأمهات يقلقن من مغادرة المستشفى
وابتعادهن عن دعم الطبيب والممرضة ، وخاصة إذا كان المولود الأول
تحياتي