قصة واقعية لطفلة الابتدائي
عادت طفلة الابتدائي من المدرسة تحمل بيدها ورقة جعلتها تذرف الدمع من عينيها البريئتين
نظرت إليها في شفقة و سألتها عن سبب البكاء , فمدت يدها الصغيرة لتناولني تلك الورقة , و في أثناء أخذي الورقة سألتني هذا السؤال الذي جعلني أفكر في عمرها الصغير و عقلها الكبير , و براعة إلقاء السؤال ,
حيث كان سؤالها : ماما .. كيف أدعو على من ظلمني !!!!
قبل أن أرفع تلك الورقة إلى عيني لأرى ما بها , و قبل أن أعرف سبب بكائها , فكرتُ ملياً في الجواب قبل أن ألقيه عليها ,
ثم اجهشتَ بالبكاء و استطردت قائلة : لماذا معلمتي تظلمني ؟! لمَ لا تكتفي بكرهي و بالصراخ في وجهي كل يوم !!!
لماذا تفضل زميلتي (..) علينا !
ثم أعادت تكرار السؤال ببراءة و الدمع على خديها مدراراً: كيف أدعو عليها ؟ علميني دعاء يقبله الله مني , لأني لن أسامحها و لن أعفو عنها ,
لم أستطع أن أجيب عليها , و لكن تذكرت قوله تعالى : ( و َأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً )
و لم أستطع أن أتمالك نفسي عن البكاء , فضممتها إلى صدري لأهدئ من ألمها , فشعرت بتلك الخفقات المتسارعة من قلبها الصغير , و شعرتُ أن تلك الخفقات تكاد تخترق صدري , لتعلن عن قوة تملك الألم بقلب طفلتي ,
مسحتُ الدمع عن خديها الصغيرين , و قلت لها لا بأس دعيني أرى ما تحمله هذه الورقة , فعادت تبكي بقوة , و قالت : الورقة هذه هي محصلة ظلم فصل دراسي كامل , هذه الورقة هي إشعار لكره المعلمة لي ,
حصلت ابنتي على الرقم (2) , هذا الرقم الذي جعل الدمع ينهمر من عينيها الجميلتين , و جعل الألم يتمكن من قلبها الصغير ,
نظرتُ إليها في شفقة و قلتُ لها : لا بأس إن شاء الله تعوضيه في الفصل القادم إن شاء الله ,
عادت للبكاء , و قالت : أمي لماذا لم أحصل على حقي , فقط أريد حقي ,
أنا كنتُ أجيب على كل الأسئلة , لا تطلب مني أي معلمة شيء إلا أحضره ,
فلماذا تظلمني ؟!
ماما أرجوكِ أن تعلميني دعاء لأرفع به هذا الظلم ,
قلتُ لها : صلي و ادعي الله تعالى أن يمنحكِ حقكِ , و تذكري أنه لن يأتي إلا على حسب اجتهادكِ,
ثم قالت ببراءة و في حالة بكاء مخنوق دعت : الله أكبر الله أكبر , أسأل الله أن يرد حقي من معلمة ظلمتني في ابنائها و في نفسها ,
اللهم لا تجعل للراحة طريقاً إلى قلبها , و لا تجعل لها توفيقاً و لا اطمئناناً و لا براً من أبائها ,
ربي إن كانت ظلمتني و أخذت حقي أن تجعل المرض يأكلها , و أن تجعل مظلتمي تثقل سيئات ميزانها , و أن لا تجعلها تجتاز الصراط ,
اللهم اجعل عينيها تذرف دمعاً ودماً و ألماً و حسرة , اللهم اجعل الحزن يسكن قلبها , و اجعل الأرق رفيقها ,
اللهم لا تجعل لها بركة في علم أو عمل أو مال ,
طبعاً الدعاء كان كله نابعاً من قلبها و يترجمه لسانها الصغير و كان في أوقات متفرقة , و كان بنفس المعنى , مع اختلاف اللفظ لصغر سنها , و قد هالني ما سمعتُ منها ,
و هنا أوصي كل معلم و معلمة أن يتقي الله تعالى في مسؤوليته , أن يتقي الله و يعطي كل ذي حقٍ حقه , أن يتقي الله تعالى و أن لا يستهين بدعوة طفل أو طفلة صغيرة ,
أن يتقي الله تعالى و لا ينسى أن مدبر الأمور ما وهبه تلك الوظيفة , إلا ليختبره و يبتليه ,
أن يتقي الله تعالى في المسؤولية و الشرح و المعاملة و العدل في التقويم , و أن يجعل الله تعالى عليه رقيباً مطّلعاً على عمله ,
و الله و الله أن الظلم عواقبه سيئة و أليمة ,
و صل الله و بارك على سيدنا محمد و آله الطيبين الطاهرين و صحابته أجمعين .
مما راق لي فنقلته لكن .