نجح فريق من الباحثين في معهد ماكس بلانك لعلوم البيولوجيا في الكشف عن أسرار عيون الذباب وكيفية رؤيته لبيئته، الأمر الذي سيساعد في تطوير أجهزة روبوت صغيرة طائرة يتم التحكم في موقعها وحركتها بنظام كومبيوتر لتحليل الرؤية.
ابتكر فريق من العلماء في ألمانيا محاكي خفيف للذباب وذلك في إطار دراسة تهدف التعرّف على آليات توجيه هذه الحشرة أثناء طيرانها، ممّا قد يُمكّن يوما ما الإنسان الآلي (الروبوت) من الطّيران. ويقول الباحثون من المعهد الألماني "ماكس بلانك" لبيولوجيا الأعصاب في مدينة ميونيخ، إنّهم يدرسون كيف يرى الذباب بيئته المحيطة به وينجح في تغيير مساره بسهولة ودقّة أثناء طيرانه، مُتجنّبا التعرّض لضربة عنيفة على سبيل المثال.
ابتكار محاكي طيران آلي لذبابة
وابتكر الفريق العلمي بقيادة ألكسندر بورست، وهو بروفسور في مجال بيولوجيا الأعصاب، محاكي طيران لذبابة الندي أو السروء (نوع من الذباب يضع البيض على اللّحوم) يتكون من شاشة عرض مغلفة يقدّم عليها الباحثون نماذج وحركات متنوعة ومنبّه حسّاس لهذا النّوع من الذباب. ويتم الاحتفاظ بالحشرة في مكانها، حتى يمكن تسجيل ردود الفعل في خلايا مُخّها، ومن ثم يقوم الباحثون بتسجيل ملاحظاتهم عليها وتحليل ما يحدث في مخّها عندما تحدث الحشرة أزيزا في أثناء طيرانها في خطوط متقاطعة في أجواء الغرفة.
وكتب الباحثون الألمان في دراستهم، التي نشرها معهد ماكس بلانك على موقعه الالكتروني: "خلال هذه التّسجيلات قدّمت أنماط رؤية متحركة محددة بدقة أمام العيون الموجودة في وجه الذبابة"، مشيرين إلى أن هذه القياسات "قد سمحت بإلقاء نظرة أولى على معالجة معلومات الخلايا العصبية البصرية في ذبابة الندى وتحديد سمات ردود الفعل الأساسية لها واكتشاف الحركة البصرية والتعرف علي سلوكها". وأكّد الفريق العلمي أن"مفتاح تلك الدراسات هو إعادة البناء التشريحي للدّائرة العصبية لدى الذبابة باستخدام وسائل أغلبها وراثية والاعتماد على كيمياء الأنسجة لتحديد السّمات الوظيفية للخلايا العصبية والدّائرة العصبية المحيطة بها".
الاستفادة من مخ الذبابة لتطوير جهاز روبوت طائر
وفي سياق متصل، أفاد الباحثون أن النتائج الأوّلية تكشف أن الذباب يرى العالم بطريقة مختلفة تماما عن الطريقة التي يراه بها الإنسان، فالحركات في الفضاء تنتج ما يُسمّى "بمجالات التدفّق البصري"، التي تحدّد سمات أنواع محدّدة من الحركة بشكل دقيق. ولتوظيف هذه المعلومات البصرية، يوجد لدى الذبابة خلايا عصبية متخصصة، تسمّى خلايا في.أس (F.S) تحدّد من خلالها الذبابة موقعها وحركتها بدقة.
وفي هذا الإطار يقول البروفسور بورست إنّه "من خلال النتائج التي تم التوصل إليها، فإن شبكة خلايا "في.أس" (F.S) المسؤولة عن حركة الدوران والموجودة في مخ الذبابة، تعدّ واحدة من أكثر الدّوائر، التي يمكن فهمها على نحو أفضل في الجهاز العصبي". يشار في هذا السّياق إلى أن اكتشافات علماء الأعصاب قد حظيت باهتمام خاص من قبل مهندسي الروبوت في الجامعة الفنية في مدينة ميونخ الألمانية. ويعكف هناك الباحثون على تطوير أجهزة روبوت صغيرة طائرة يتم التحكم في موقعها وحركتها أثناء الطّيران بنظام كومبيوتر لتحليل الرؤية، تم استنباطه بالاستفادة من نموذج مخ الذبابة.
المصدر: DW-WORLD