كان البرد شديدا في الغابة، والريح تصفر من بين أغصان الشجر. وعلى الرغم من ذلك كانت هناك حركة غير عادية بالجو، فالطيور على اختلاف أنواعها كانت تنادي على بعضها بعضا، فالعصفورة السمراء تنادي العصفورة الزرقاء، والعصفورة الزرقاء تهمس بشيء ما في أذن الشحرور والشحرور يهمس بكلام كثير إلى (أبو الزريق) الذي يعلن بصوت مرتفع خبرا خطير لسكان الغابة: أيها الطيور والحيوانات...يا سكان الغابة.... إن صديقنا البستاني العجوز الذي يعيش وحده مريض جدا تعالوا بسرعة.
وهرع الجميع من دون استثناء: الثعلب والثور البري والآيل ذو القرون الخشبية والظبي والغزال. ورأى الجميع البستاني العجوز، وهو ينتفض من البرد والحمى في فراشه المنكوب غير المرتب.
وبسرعة أخذ الثور البري يشق قطعا صغيرة من الخشب، وفي الحال توهجت نار جميلة ملأت البيت الصغير دفئا. وأخذ الثعلب يرفع الماء بالدلو من البئر. وأعدت الظبية طبخة من أوراق الكافور والأعشاب العطرية. أما ذو القرون الخشبية فقد كان يعد القربة الساخنة، ويصنع مشروبا دافئا من ورق الريحان. وملأت الطيور فراش البستاني العجوز بالزغب الناعم وأوراق الشجر الطرية.
وفي فراشه الذي أصبح وثيرا دافئا، تناول المريض العجوز الشراب الساخن رشفة رشفة، بينما الطيور تغرد له بأصواته العذبة، وهي تقول مشجعة: سوف تشفى بسرعة، نحن على يقين من ذلك.
رد البستاني العجوز الذي بدأ بالفعل يشعر بالتحسن وقال: شكرا، شكرا لكم يا أصدقائي. إن رعايتكم ووفائكم لي هما أفضل من جميع الأدوية.
وبالحب والوفاء أجمل الصفات.
ودمتم سالمين.