الصوم مدرسة تهذيبية للنفس، وفرصة لتدريبها على الصبر والتحمل ومقاومة الإغراءات، إضافة إلى إراحة الجهاز الهضمي، حتى يتفرغ الكبد لمهمة تنظيف الجسم من الشوائب التي تراكمت طوال السنة.
لكننا نلاحظ خلال شهر رمضان إقبال كبير، إلى حد النهم، على كل ما لذَّ وطاب تحت ذريعة أن نفس الصائم تشتهي الحلويات لأن جسمه بحاجة إليها لتزوده بالطاقة.
وهنا تكمن المشكلة... فالصائم، ومن دون أن يدرك، يسبب لنفسه الضرر ويعرض جهازه الهضمي للكثير من المشاكل، خصوصاً وأن تناوله الطعام دفعة واحدة عامل آخر غير مساعد، في ظل عدم وجود نظام غذائي أو توقيت سليم.
ولتجنب كل هذه المشاكل في شهر رمضان، يُنصح الصائم بالتالي:
• الاهتمام بوجبة السحور، لأسباب عدة:
_______________________________
o يساعد تناول وجبة السحور في الوقاية من الصداع والإعياء أثناء النهار ويمنع الشعور بالعطش الشديد وحدوث الجفاف.
o يساعد في المحافظة على الوزن، فنظام الوجبة الثقيلة بعد الجوع الطويل يدفع الجسم للاحتياط وتخزين كل الفائض من السعرات الحرارية على شكل دهون.
o لكي لا تجوع أثناء اليوم احرص على أن يكون محتوى وجبة السحور من الطعام الغني بالقيم الغذائية والألياف والذي يتمثله الجسم ببطء. مثل اللبن والخبز من القمح الكامل وقليل من الفاكهة (يُعتبر طبق المعكرونة باللبن مثالياً لوجبة السحور بشرط عدم إضافة الدسم لهذا الطبق).
• فيما يتعلق بوجبة الإفطار، يُنصح بالتعجيل بها ليستعيد الجسم جزءاً من الطاقة والسوائل التي خسرها أثناء الصيام:
_________________________________________________________________________________________
o يُستحب الإفطار على بضعة حبات من الرطب أو التمر والماء، فالصائم بحاجة شديدة إلى مصدر سكري سريع كحاجته إلى الماء.
o إن تناول التمر أو الرطب عند بدء الإفطار يزود الجسم بنسبة كبيرة من السكريات، فتزول أعراض نقص السكر، ويتنشط الجسم. كما إن احتواءهما على كمية عالية من الألياف يقي من الإمساك، ويُعطي إحساساً بالامتلاء فلا يُكثر الصائم من تناول أنواع الطعام. هذا بالإضافة إلى الفوائد الأخرى للألياف.
o في الحالات التي لا يجد فيها الصائم رطباً ولا تمراً، أو في حال عدم الرغبة بتناولهما، فليفطر على ماء، أو عصائر طبيعية غير مضاف إليها السكر، أو منقوع المشمش أو ملعقة عسل مذابة في كوب من الماء.
o من المفيد الإفطار على ثلاث مراحل، لأنه يساعد على زوال الشعور بالجوع، ويجنبنا عسر الهضم، وينظم معدل السكر في الدم، وينتهي شهر رمضان دون زيادة في الوزن.
ـ المرحلة الأولى: بضع تمرات وماء أو عصير فاكهة.
ـ المرحلة الثانية: بعد 10-15 دقيقة، زبدية من الحساء أو السلطة، أو من الحمص أو الفول مع شريحة خبز أو فطيرة.
ـ المرحلة الثالثة: صحن يحتوي على لحم وخضار وأرز بقليل من الدسم حتى نُسهل على المعدة التخلص سريعاً من الوجبة، فلا معاناة من انتفاخ أو ألم تحت الضلوع أو غازات في البطن.
o الاعتدال في الشرب وعلى دفعات، وذلك بين الوجبات.
o لا يُنصح الصائم بالمبالغة بتناول البهارات والمخللات لأنها تهيج غشاء المعدة المخاطي، فترتفع حموضة المعدة.
o تجنب المقالي لأنها ترهق المعدة، ويصعب بالتالي عليها التخلص من الطعام سريعاً، كما أن المقالي غنية بالسعرات الحرارية التي يخزن الفائض منها على شكل دهون متراكمة في الجسم.
o الاعتدال في شرب القهوة والشاي لتجنب الأرق وخفقان القلب.
نصائح خاصة لبعض المرضى:
• على مريض الكلى أن يفحص الثقل النوعي في البول او ما يعرف بـ Specific gravity والذي نسبته الطبيعية في البول يجب ألا تتجاوز 1030 مغ/مل وإلا فإن المريض لن يتحمل جسمه العطش.
• أما بخصوص مرضى الحصى الكلوية فإنهم يُنصحون بتناول كمية وافرة من الماء والسوائل الأخرى ما بين الإفطار والسحور مع تجنب تعرضهم للمجهود الشديد أثناء النهار أو للحر الشديد.
• ينصح مريض ارتفاع ضغط الدم بتناول الماء و السوائل بشكل وفير في فتره الإفطار وحتى فتره السحور, إذا كان لا يعاني من مشاكل صحية في القلب، مع أهمية تجنب الأطعمة الدسمه والمقلية والمالحة كالمخللات والمكسرات، وعدم الإكثار من القهوة والمشروبات الغازية مع أهمية تجنب شراب السوس، وحيث أن أغلب أدويه ضغط الدم تؤخذ مرة أو مرتين في اليوم فيجب على المريض الذي يتناول أكثر من جرعتين يومياً أو يتناول الأدوية المدره للبول مراجعه الطبيب قبل بدء الصيام، مع العلم أن العلاجات المدره للبول يفضل أخذها بعد الإفطار وليس بعد السحور لتجنب حدوث الجفاف والعطش.
• اما عن مريض السكري الذي يعاني من السكري من النوع الأول المعتمد على الانسولين، فعليه ألا يصوم لاحتمال تعرضه لنوبة من انخفاض السكر حوالي الرابعة عصراً، وفي حاله الشعور بانخفاض السكر بالدم (والذي من أعراضه: زغللة العينين والتعرق البارد والشحوب والرجفة والصداع وتنميل الشفتين وتسارع نبضات القلب وقلة التركيز والجوع الشديد والتوتر والعصبية وتغيرات في المزاج) يجب الإفطار فوراً.
ملحوظة: يعتقد العامة ان ارتفاع السكر أخطر من انخفاضه، وهذا خطأ كبير، فكلاهما خطير ولكن ارتفاعه يعطيك الفرصة الكافية لتصحيحة أما انخفاضه فهو خطير جداً، لأنه من الممكن أن يضيع المريض بين يديك في ثوان، لأن الدماغ البشري يعتمد على الجلكوز فقط كغذاء رئيسي وبدونه تموت خلايا المخ.
• أما فيما يتعلق بمرضى السكري من النمط الثاني، فإنهم معرضون في شهر رمضان وفقاً لدراسة EPIDIAR لزيادة في نسبة الإصابة بارتفاع الغلوكوز الشديد (التي تستدعي قبولاً في المستشفى) تقدر بخمسة أضعاف مقارنة بغير الصائمين. وقد يعود هذا الأمر للمبالغة في خفض جرعة الأدوية الخافضة للسكر وللمبالغة في تناول السكريات والنشويات أثناء فترة الإفطار. كما أنهم أكثر عرضة للمعاناة من التجفاف في حال ارتفاع الغلوكوز الذي يسبب زيادة في التبول وخسارة للماء والشوارد.
إن الالتزام بنظام غذائي صحي ومتوازن يقوم على تناول وجبتين رئيسيتين (إفطار وسحور) ووجبة أو وجبتين إضافيتين فيما بينهما يساعد مريض السكري في السيطرة على مرضه. فلقد اعتاد الناس على تناول وجبة ثقيلة غنية بالسكريات والدسم عند الإفطار، وهذه ممارسة خاطئة يجب الابتعاد عنها. ويجب الاهتمام بتناول السوائل الخالية من السعرات الحرارية وبالتالي من السكريات، بين الوجبات، وتأخير وجبة السحور قدر الإمكان.
على الصائمين الاستفادة من شهر رمضان الكريم ليقللوا من الطعام والشراب والتحكم بأهوائهم، فالصوم جُنة أي وقاية، وهو من أدوية الروح والقلب والبدن، وهو مفيد جداً للحفاظ على الصحة والتخلص من الفضلات، ومنع النفس عن تناول ما يضرها، وفيه إراحة لأعضاء الجسم واستعادتها لنشاطها.