دمج ذوي الحاجات الخاصة في المدرسة العادية

دمج ذوي الحاجات الخاصة في المدرسة العادية

عبد الرحمن محمود جرار - يُنظر
إلى الدمجmainstreaming على انه دمج الطلاب ذوي الحاجات الخاصة مع الطلاب
العاديين في الصفوف الدراسية أو في صفوف خاصة ملحقة بالمدرسة العادية على
أن تقدم لذوي الحاجات الخاصة البرامج المساندة والمتخصصة. إلا أن مفهوم
الدمج قد شابهُ سوء فهم كبير وأحدث إرباكا حقيقياً سواء من حيث المفهوم أو
حتى من حيث التطبيق الفعلي له ، فالبعض رأى فيه دعوة لإغلاق مراكز ومدارس
التربية الخاصة وتعليم جميع الطلاب ذوي الحاجات الخاصة في الصفوف الدراسية
العادية، إلا أن الدمج لا يعني ذلك ، ولكنه يعني توفير فرص التعلم
القائمة على المساواة للطلاب ذوي الحاجات الخاصة وذلك من خلال إلحاقهم
بالبيئة التربوية الأكثر ملاءمة وقدرة على تلبية حاجاتهم . وفي كثير من
الحالات تتمثل هذه البيئة في الصف الدراسي العادي، إن لم يكن طوال الوقت
فلبعض الوقت على أقل تقدير. وفي أحيان أخرى فالبيئة الملائمة لا تشمل الصف
الدراسي العادي إطلاقاً. وما يحدد ذلك قدرات الطالب.
عمليا
عندما يصار إلى دمج الطلاب ذوي الحاجات الخاصة في المدارس العادية ويصبحون
جنبا إلى جنب مع أقرانهم العاديين فهذا عمليا يحتاج إلى إعادة النظر لكل
ما يتعلق بتطبيق هذا التوجه ، من قوانين ، وبناء ، وأفراد، وطلبة ، وأهالي،
وتقييم للطلبة. والإجراءات التي يفترض الأخذ بها عند تطبيق مبدأ الدمج في
المدارس هي:

أولا: تشريع القوانين
بداية
وقبل البدء بتطبيق أي برنامج من برامج دمج الطلاب ذوي الحاجات الخاصة مع
الطلبة العاديين في المدارس العامة يفترض أن يكون هناك قانون يحمي ذلك
التوجه ويحدد آليات التنفيذ فيما يتعلق بنوعية الخدمات المقدمة في مدارس
الدمج ، وعدد الطلبة الذين سيتم دمجهم ، ونوعية ودرجة الإعاقات المسموح
بدمجها، وكفاءة الأشخاص القائمين على تطبيق برامج الدمج، والمناهج التي
يفترض أن تُطبق في مدارس الدمج. وغيرها من المحددات اللازمة لسير عملية
التنفيذ والمتابعة بشكل واضح .

ثانيا: تجهيز مدرسة الدمج
ينصب
الاهتمام في هذا المحور على توفير بيئة آمنة وخالية من الحواجز
Barrier-free حيث يفترض في المدارس العادية أن توفر التسهيلات البنائية
اللازمة لإنجاح فكرة الدمج وخاصة للطلاب ذوي الإعاقات الحركية وما يتطلبه
ذلك من أدوات خاصة ، ومصاعد وكراسي متحركة وأسطح أرضية مائلة.

ثالثا: إعداد وتهيئة النظام المدرسي
يؤدي
المديرون دورا قياديا وداعما لا غنى عنه لإنجاح برامج الدمج . فالمديرون
قادرون على تذليل العقبات التي قد تحول دون حدوث التغيير المطلوب. ويمكن
حدوث ذلك من خلال إعادة تنظيم اليوم الدراسي على نحو يسمح بتوفير الوقت
الكافي للتخطيط والتعاون بين أعضاء الكادر، وتوفير الأعداد الكافية من
مساعدي المعلمين، وخفض عدد الطلبة في الصف.
أما بالنسبة
للمعلمين فان العمل مع الطلاب ذوي الحاجات الخاصة يحتاج الى تدريب
المعلمين والأخصائيين الذين يعملون مع هؤلاء الطلاب بشكل مباشر ؛ ذلك أن
معظمهم لم تقدم لهم برامج تطوير نوعية. ومثل هذا التدريب يجب أن يحدث في
أماكن العمل . وللأسف فالتدريب غالبا ما تفيد منه الكوادر الإدارية ويتم
بعيدا عن مكان العمل بل وربما في دول أخرى لديها نظم تربوية مختلفة جوهريا.

رابعا: تقييم الطلبة المرشحين للانتقال إلى برنامج الدمج في المدرسة العادية
تعتبر
هذه المرحلة من أهم المراحل التي تسير بها إجراءات دمج الطلبة ذوي
الحاجات الخاصة في المدرسة العادية، لأنه بناء عليها ستتقرر إحالة الطالب
إلى تلك المدارس أو إبقاؤه في مدرسة تطبق برنامج التعليم العام.
وفي
مرحلة التقييم يقوم فريق متعدد التخصصات بإجراء تقييم تخصصي ومعمق ليصار
في النهاية إلى اتخاذ قرار يُوثَّق في تقرير نفسي تربوي ، وفي هذه المرحلة
يتم تطبيق أدوات التقييم غير الرسمية Informal (الملاحظة، المقابلة ،
قوائم التقدير) ومن ثم تطبيق مجموعة من أدوات التقييم الرسمية Formal
وتكون على هيئة اختبارات ومقاييس معيارية المرجع مثل مقاييس الذكاء. وفي
هذه المرحلة يتم الحصول على معلومات تقييمية شاملة يتم الإفادة منها في
الإجراء الخامس.

خامسا: تحديد الطلاب المؤهلين للدمج
يقصد
بالأهلية Eligibility هنا ، انه وبعد إجراء التقييم اللازم للطلاب نكون
قد حددنا قدرات الطلاب الذين يصلحون لدمجهم في الصف العادي وهذا مما لا شك
فيه يعتمد على ما يمتلكونه من قدرات تؤهلهم لبيئة التعلم الجديدة من جهة،
وتساعدهم على مجاراة مهارات التعلم التي تطبق في الصف العادي بالحد
المقبول منهم ضمن تلك القدرات من جهة ثانية.

سادسا: اختيار البديل التربوي الملائم
عند
اختيار البديل التربوي الملائم ليدمج فيه الطالب ذو الحاجة الخاصة فانه
تُطرح بعض الأسئلة مثل: هل حالة الطالب تتطلب توفير غرفة مصادر ؟ أم توفير
صف خاص ملحق بالمدرسة العادية؟ أم سيدمج الطلاب في الصفوف العادية طوال
اليوم مع خدمات مساندة متخصصة ؟ وهذا يعتمد على نوعية الحاجات الخاصة التي
يمتلكها الطالب ، والبرامج التربوية والتدريبية التي تخدم هذه الحاجات.

سابعا: إعداد وتهيئة الطلاب
في
المدارس العامة التي سيدمج فيها طلاب ذوو حاجات خاصة او اضطرابات معينة
يجب أن يتم التوضيح للطلاب العاديين أهداف تطبيق سياسة الدمج ، وان تقديم
حصص محددة لهم توضح عملية الدمج غالبا ما يكون أسلوبا ناجحا. ولا بد أن
تتوفر للطلاب الفرصة لمناقشة أسئلتهم، ومخاوفهم ، واهتماماتهم. ومن حقهم
معرفة كيف ، ومتى ولماذا يتعين عليهم أن يساعدوا الطلاب ذوي الحاجات
الخاصة.
ليس هذا وحسب، بل أن الطلاب ذوي الحاجات الخاصة أيضا
يجب أن يتوفر لهم الوقت الكافي للتكيف مع التغييرات الجديدة، فقد يحتاجون
إلى توجيهات مكثفة لإعدادهم لبيئة الصف العادي؛ مثل استخدام الخزانات ،
والأدراج، والتعرف على مرافق المدرسة، والتسهيلات المتاحة لهم.

ثامنا: إعداد وتهيئة أولياء أمور الطلاب
أن
أولياء أمور الطلاب ذوي الحاجات الخاصة الذين يرتابون من تعليم أبناءهم
في الصفوف العادية بحاجة إلى التزود بالمعلومات الكافية عن عملية الدمج .
إضافة لحاجتهم إلى برامج تدريبية في هذا الخصوص. إضافة إلى ضرورة أن يشعر
أولياء الأمور بالاطمئنان إزاء التقدم الذي سيحرزه أطفالهم في الصف
العادي. والتأكد من عدم مضايقة وإحراج أبنائهم من قبل الطلاب العاديين.
تجدر
الإشارة إلى انه ليس فقط اهالي الطلاب ذوي الحاجات الخاصة هم من يحتاجون
إلى إعداد وتهيئة بل أن اهالي الطلاب العاديين بحاجة أيضا إلى برامج
توعوية للوصول معهم إلى تقبل فكرة أن يكون مع أبنائهم العاديين طلاب غير
عاديين.

تاسعا: تعديل مناهج الصف العادي
إن
المنهاج العادي المعدل يُستخدم عندما تكون الصعوبات لدى الطالب متضمنة
معظم عناصر المنهاج مما يتطلب اهتماماً متزايداً بالاحتياجات التعلمية
الخاصة مع بقاء الباب مفتوحاً للمشاركة بالخبرات العامة قدر المستطاع. وإذا
اتضح أن الاحتياجات الخاصة شديدة جداً أصبح هناك حاجة لتوظيف مناهج
بديلة.

عاشرا: إعداد الخطة التربوية الفردية
في
هذا الإجراء يتم إعداد خطة دراسية فردية لكل طالب يتم دمجه في الصف
العادي تحاكي مواطن القوة ومواطن الضعف لديه بناء على التفرد الذي يتميز
به كل طالب ذي حاجة خاصة عن زميله الآخر. لأنه من الصعوبة بمكان أن يقوم
المعلم بتدريس الطلاب ذوي الحاجات الخاص ضمن الخطة العامة التي يضعها
للطلاب العاديين.

» ذوي الاحتياجات الخاصة و الصيام
» تأثير الترفيه على ذوي الإحتياجات الخاصة
» عباقرة من ذوي الاحتياجات الخاصة
» الإسلام وذوي الإحتياجات الخاصة
» هل دخلنا عهد شركة الفضاء الخاصة؟.