اليوم لن أكتب سؤالاً وجواباً، سأكتب إليكن ما دار بحلقة الناني البارحة، وقد كانت مهمة ومفيدة للغاية.
المشكلة
عائلة لديها 3 أطفال، ولدين 6 و 5 وبنت سنتين.
الولد الأكبر يعاني من مرض الحركة الزائدة وعدم التركيز، مما يسبب له الكثير من المشاكل حيث لا يركز في واجباته، عصبي جداً ومزاجي جداً، يضرب أخاه ويضرب أمه بعنف.
أمه في بداية حملها، زوجها يعمل وهي تبقى في البيت تعاني مع أطفالها.
بدأ الأخ والأخت للولد الأكبر يتأثران بتصرفاته ويقلدانه.
لا يسمع الولد الأكبر الكلام أبداً وتبقى أمه بكل الطرق تحاول أن تجعله يحل واجبه وهي معه إلا أنه لا يقبل، وتبقى المعركة ساعة بلا جدوى.
طبعاً غير التخريب المتعمد والفوضى التي لا تنتهي، وأكل ما هو غير مفيد طوال النهار مما يفسد وجباتهم الأساسية.
في المدرسة لا يركز ويضرب باقي الأولاد ويذهب إلى الإدارة باستمرار وتأتي الأم لتأخذه.
ثم جاءت الناني
راقبت الوضع ووجدت أن الوالد يدخل من الباب وبلا أي حوار يذهب إلى غرفته، يغسل ويبقى هناك 45 دقيقة كأن باقي العائلة لا تخصه.
سألته الناني ماذا يفعل فوق، فقال يرتاح من عناء يومه ويسترخي. لم تكن الإجابة مقبولة لديها.
الاجتماع
اجتمعت الناني بالزوجين، الأم مرهقة طوال النهار وهي حامل، مأساة لا يتخيلها أحد، والزوج يأتي ليرتاح في غرفته وعندما يجوع ينزل ليأكل. ولا ننسى أن بين هؤلاء الأطفال طفل يحتاج إلى معاملة خاصة يبدو أن الوالدان جاهلان بها.
الحل؟
الواجب: يحتاج هذا الطفل الكثير من المديح حتى يشعر بالثقة بنفسه فيقوم بعمل واجباته..
يجب أيضاً تغيير مكان الدراسة، فهو يحاول حل واجبه على طاولة المطبخ، وأخواه يلعبان، وهو يعاني من التركيز على أي حال وهذا لا يفيد؛ فكان الحل أن تخصص له مكاناً يرتاح فيه وطاولة يدرس عليها. جلست الأم مع ابنها بالمكان المخصص فأعجبه المكان، وأخبرته أن ولد ذكي وسيحل واجباته بأسرع ما يكون. أعجبه الكلام. وقالت له أن بإمكانه اختيار ما يشاء من الواجبات ليبدأ العمل عليه، ونهضت من مكانها لتأتيه بقلم. اختار ما يرغب بعمله أولاً، وقام بحل بضع صفحات، ثم فقد تركيزه ليتكلم عن القلم والمبراة، فنبهته أمه إلى واجبه، فعاد إليه وبدلاً من ساعة وأكثر من المعركة بلا نتيجة، خلال 20 دقيقة كان قد أنهى الواجب بلا مشكلة واحدة. ومدحته الأم كثيراً وسعد بهذا.
مشكلة الأكل ما بين الوجبات: ابتكرت الناني فكرة بأن تضع لكل منهم وعاءاً شفافاً وكل وعاء بغطاء لونه مختلف، يقوم كل منهم بوضع نوعين لا أكثر من المأكولات المرغوبة في داخل الوعاء، وفي وقعت محدد بإمكان كل منهم اختيار ما يحب من وعائه وأكله. وبهذا لم يعد يفسد أي منهم شهيته.
الأب: على الأب أن يهتم بأمور بيته أكثر، فهم أولاده أيضاً. ولهذا فعندما دخل إلى المنزل، أعطته ابنته الصغيرة يقبلها ويلاعبها. دخل إلى المطبخ فوجد زوجته تعمل وهي تبكي من الإرهاق. فدخلت إلى غرفتها وأغلقت الباب عليها. شجعته الناني أن يذهب خلفها فيسألها عن سبب حزنها. لم تشأ فتح الباب ولكن الناني أخبرتها أن عليها أن تكلمه وتشركه في معاناتها حتى تشجعه على الاهتمام بأمور البيت. وفعلاً فتحت الباب وأخبرته أنها متعبة جداً ولم تعد تحتمل، وتحدث معها وأخبرها أنه سيساعدها بكل ما أمكنه.
معلومة جديدة لم تعرفها الأم مسبقاً: قامت الناني بإعطاء الأم سماعات وجريدة، وأخبرتها أن عليها أن تقرأ الجريدة وتعزل عقلها عما يدور حولها وتركز في القراءة فقط مع إغلاق أذنيها بالسماعتين. فعلت الأم، وخلالها أتت الناني مع الأطفال يلعبون ويلهون حولها ويعرقلون تفكيرها. بقيت الأم فترة طويلة تحاول القراءة والتركيز ولكن هناك ما يفقدها استيعابها. هذا بالضبط ما يحدث مع الطفل الذي يعاني من هذا المرض، فهو يحاول التركيز وخلال دقائق عقله يصبح فوضى وإزعاج في رأسه يجعله يفقد استيعابه ولا يتمكن من التركيز. شعرت الأم براحة لأنها عرفت ما يشعر به ابنها طوال النهار وما يجعله عصبي وغير قادر على تحقيق ما تريده.. خاصة أنه أخبرها مسبقاً أنه يريد أن يكون طفلاً طيباً حسن الخلق.
ذهبت الناني لتترك العائلة بضع أيام لتحاول تحقيق ما تعلمته، وعادت لتريهم ما كان منهم، إن كان خطأ أو صواب.
هنا شاهد الوالدان نفسهما عن قرب، قامت الأم بتنفيذ الطريقة السابقة في حل الواجب مع ابنها ونجحت ومدحته كثيراً وكان سعيداً بهذا.
شاهدت الأب يدخل المنزل ويحمل ابنته ويلاعبها ثم يذهب للاطمئنان عن زوجته.
ثم طلب الطفل الأكبر من أمه الحلوى، فأخبرته أنه لم يحن الوقت بعد، فبدأ بالصراخ والضرب ثم صعد للأعلى وهو يصرخ ويتكلم بكلمات سيئة. أخذته أمه مراراً وتكراراً إلى مكان العقاب على كرسي وهو يهرب منه. وكان يصرخ بجنون وعصبية.
هنا أخبرتها الناني أن المسألة كانت ستحل ببساطة لو أنها بعد أن قالت له أنه لم يحن الوقت للحلوى أن تأخذه فور بدء عصبيته، أن تأخذه بحضنها وتقبله وتخبره أنه سيأخذ من وعائه فور طعامه. لو فعلت هذا لهدأ فوراً.
كما أن الناني علمتها أن تخرج من المكان الذي فيه المشكلة إلى الغرفة العلوية، على حائط هذه الغرفة وضعت الناني لوحة عليها صورة الإبن المريض وحولها مساحة لتكتب الأم عليها كلمات طيبة عن ابنها، فكتبت كلمات كثيرة منها: طيب، حنون، وسيم، وهكذا.... وكلما غضبت، صعدت إلى هذه الغرفة ونظرت إلى هذه الكلمات لتستمد الشجاعة وتشرح ببعض الارتياح.
وكتجربة أخيرة، قامت الناني بوضع أوزان تمثل وزن الأطفال في حقيبة، وأضافت أوزان تمثل الغسيل والتنظيف وأمور المنزل، وجعلت الزوج يحملها طوال النهار، في البداية شعر أن الفكرة مضحكة، إلا أنه بعد مرور وقت وشعوره بالتعب الشديد، فهم المغزى وأن هذا الحمل هو ما تحمله زوجته طوال النهار كل يوم.. وطبعاً قبل أن تغادر الناني المنزل جعلته ينزع الحقيبة عن ظهره، ولكن بعد أن اعترف أن مسؤولية زوجته تفوق الحد.
فعلاً خلال هذه الأيام تعلمت كيف تعامله حيث أنه وضعه يختلف عن باقي الأطفال والتعامل معه ليس كمثله من الأطفال.