إِنَّ اللَّهَ لا يُـغَـيِّـرُ مَـابِقَـوْمٍ حَـتَّى يُـغَـيِّرُوا مَـا بِأَنفُــسِـــ

قال تعالى

(ذَلِـكَ بِـأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَــكُ مُـغَـيِّرًا نِـعْـمَــةً
أَنــعَـمَـهَـا عَـلَى قَــوْمٍ حَــتَّى يُـــغَــيِّرُوا مَــا
بِأَنــفُـسِــهِـمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَــــمِــيــعٌ عَـلِــيـمٌ ) الأنفال
53

وقال عزّ وجلّ (إِنَّ اللَّهَ لا يُـغَـيِّـرُ
مَـابِقَـوْمٍ حَـتَّى يُـغَـيِّرُوا مَـا بِأَنفُــسِـــهِـمْ وَإِذَا أَرَادَ
اللَّهُ بِقَــوْمٍ سُــوءًا فَـلا مَـرَدَّ لَهُ وَمَا لَــهُمْ مِــنْ دُونِــهِ
مِــنْ وَال ٍ
(الرعد 11)

وآية الأنفال مع آيّة الرعد متضافرتان
في تحديد مفهوم قوله "إِنَّ اللَّهَ لا يُـغَـيِّـرُ
مَـابِقَـوْمٍ حَـتَّى يُـغَـيِّرُوا مَـا بِأَنفُــسِـــهِـمْ "
والمعنى
الذي نطمئنّ إليه هو أنّ قيام الأفراد والجماعات بتغيير أفكارهم من الآيمان الفطري
والمكتسب نحو الكفر يستجلب تغيير الله لحالهم من نعمة إلى نقمة

ويؤيد هذا
المعنى قوله "وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَــوْمٍ سُــوءًا فَـلا
مَـرَدَّ لَهُ وَمَا لَــهُمْ مِــنْ دُونِــهِ مِــنْ وَال " وذلك عقب
الجملة المقدسة "إِنَّ اللَّهَ لا يُـغَـيِّـرُ مَـابِقَـوْمٍ حَـتَّى
يُـغَـيِّرُوا مَـا بِأَنفُــسِـــهِـمْ "فقوله هذا مبين لنوع التغيير الذي هو
تغيير حالهم نحو الأسوء--وإذا قدّر الله ذلك فليس لهم من دونه من وال.

وقد
اضطرني للحديث عن هذه الآية هو كون النّاس يستشهدون بها بمعنى معكوس--فهم يفهمونها
على أنّ تغيير النّاس ما بأنفسهم من أفكار الكفر يؤدي بالتالي لأن يغيّر الله ما
حاق بهم من سوء وينتشلهم من واقعهم الأليم--فكأن شرط التخلص من الواقع الفاسد هو
تغييرهم لأفكارهم الفاسدة

وليس ما سبق هو المعنى المقصود---إنّما المعنى
المقصود هو أنّ آيقاع السوء والعذاب بقوم مرهون بتغييرهم ما فطرت عليه نفوسهم من
الخضوع لرب واحد

أعني أنّ الآية تقرر قاعدة وهي أن العذاب يستحقه القوم
بسبب تغييرهم ما غرز بأنفسهم من خير إلى الشر

قال الطبري

(وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه لَا يُغَيِّر مَا بِقَوْمٍ حَتَّى
يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } يَقُول ـ تَعَالَى ذِكْره ـ : إِنَّ اللَّه لَا
يُغَيِّر مَا بِقَوْمٍ مِنْ عَافِيَة وَنِعْمَة فَيُزِيل ذَلِكَ عَنْهُمْ
وَيُهْلِكهُمْ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ مِنْ ذَلِكَ بِظُلْمِ
بَعْضهمْ بَعْضًا وَاعْتِدَاء بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , فَتَحِلّ بِهِمْ حِينَئِذٍ
عُقُوبَته وَتَغْيِيره .)

» معنى الآية إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
» وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْ