العيون مؤشر على الصحة البدنية عموما...
لقد قمت بجرح قرنيتي بظفر إبهامي منذ 25 عاما، حين كنت أندفع خلف كرة السلة. ثم عاد كل شيء كما كان، ولكنى أقوم بفحص دوري دقيق للعيون منذ ذلك الحين بناء على أوامر الطبيب.
ثم حدث ما فاجأني الصيف الماضي عندما نصحني نيل آدمز، اختصاصي شبكية العين، على حين غرة، وبعد أن قام بفحص الجزء الخلفي من العين بارتياب لمدة طويلة، بإجراء فحص منظار للقولون.
ثم سألته: «لماذا؟ هل هناك علاقة بين القولون والعين؟». أخبرني الطبيب أنه وجد بقعا داكنة على شبكية عيني، وأضاف: «ثبت بالدليل العلمي أن وجود البقع الداكنة بشكل معين وبأعداد معينة يرتبط بنوع معين من (متلازمة السليلات المعوية)» syndrome of colon polyps.
قال آدمز إن احتمالية الإصابة بالسرطان ضئيلة، ولكن من الأفضل أن نطمئن بدلا من الندم، وأضاف على نحو مطمئن: «فقط من أجل الاطمئنان على صحتك»، وفى الظهيرة كنت قد وجدت اختصاصيا في الجهاز الهضمي.
العين والقولون
إن العلاقة بين مقلة العين والقولون كانت معلومة جديدة بالنسبة لي ولكل من ذكرت الموضوع أمامهم، ولكن كما قال لي آدمز، فإن هذا الأمر كان معروفا منذ وقت طويل.
وكان ريتشارد كابوت، الطبيب بالمستشفى العام في ماساتشوستس، أول من وجد علاقة بين سرطان القولون ونوع معين من البقع على شبكية العين (retinal pigmentation عام 1935.
وقال آدمز، الذي يعمل رئيس تحرير لدورية «أي ريبورتس»: «لم تهتم الدراسات الطبية بتلك العلاقة حتى عام 1980 عندما قام كل من الطبيبين نورمان بلير وكليمنت تريمبى بوصف تلك العلاقة بين سليلات القولون وسرطان القولون وتلك البقع الداكنة في الجزء الخلفي من العين، وقد أطلقا على تلك البقع اسم (شيربي) (CHRPE) وهو اختصار لـ(فرط النمو الخلقي للظهارة الصباغية الشبكية)congenital hypertrophy of the retinal pigment epithelium».
وفي ما بعد اكتشفت دراسة وجود علاقة واضحة على نحو تقديري بين «الشيربي» وسليلات القولون المعروف باسم «داء السليلات القولونية العائلي» familial adenomatous polyposis أو «إف إيه بي». وربما تنتج تلك البقعة عن طفرة وراثية مسؤولة عن إنتاج السليلات.
وتوصلت دراسة نشرت عام 2010 في المجلة الطبية الأميركية لأمراض الجهاز الهضمي إلى أن المرضى الذين يعانون من تلك البقع يجب أن يخضعوا لفحص للقولون بالمنظار.
لم يقر الطبيب المختص بأمراض الجهاز الهضمي الذي قمت بزيارته بوجود أي علاقة بين تلك البقع على الشبكية ومرض القولون، ولكنه أخبرني أنه كان من الضروري إجراء فحص المنظار مسبقا قبل أن أبلغ سن الـ63 محددا لي موعدا في الجدول الخاص به خلال أسبوع.
وأثناء العملية قام باستئصال ثلاث سليلات لاطئة sessile polyps، حجم كل واحدة منهم في حجم الممحاة، وأرسلها للفحص لمعرفة ما إذا كانت خبيثة أم حميدة، وأخبرني أن النتائج قد تظهر في غضون أسبوع.
اختبارات الشبكية
وبدلا من القلق من احتمالية أن تظهر نتائج المختبر أنها خبيثة، ركزت اهتمامي على البحث عما يبدو طريقة غريبة لبدء تشخيص الأمراض، فوجهت العديد من الأسئلة للدكتور آدمز الذي قال: «بفحص الشبكية، قد نجد مؤشرات تساعدنا على اكتشاف العديد من الأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والأمراض الوراثية النادرة، وكذلك السرطانات التي تؤدي إلى الوفاة». وقد يشمل ذلك سرطان الرئة وسرطان الثدي وسرطان البنكرياس وسرطان المخ وسرطان الدم والورم النقوي المتعدد».
أخبرني آدمز أنه قام بتشخيص حالة مصابة بسرطان الدم في مراحل مبكرة لشخص يبدو بصحة جيدة عن طريق ملاحظة بقع من الدم على شبكية المريض. فعندما قامت مريضة كانت تعاني من التهاب الشبكية بإجراء تخطيط كهربائي لشبكية العين electroretinogram، تم اكتشاف خلل يشي بوجود مرض خبيث، فنصحها آدمز بزيارة اختصاصي سرطان اكتشف إصابتها بسرطان المبيض.
كذلك يؤكد غريغوري وولف، رئيس لجنة الارتقاء بالصحة بالجمعية الأميركية للبصريات، أن العين ليست فقط نافذة على الروح، قائلا: «تمثل العيون مؤشرا على الصحة البدنية بوجه عام».
ولاحظ كل من وولف وآدمز أن هناك أشياء أخرى تقدم مؤشرات تدل على الإصابة بمرض ما غير العيون، كما قرأ الكثيرون منا، حيث توجد علاقة بين أمراض اللثة وأمراض القلب، ولكن القليل يعلمون بوجود علاقة بين أمراض اللثة وهشاشة العظام أو حتى مرض ألزهايمر.
ويرى آدمز أنه على الرغم من علم الناس بتعلق الأمراض بعضها ببعض، فإنه لا يزال البعض يعتقد أن تخصصات مثل طب الأسنان والعيون وأمراض الجهاز الهضمي تخصصات منفصلة بعضها عن بعض ولا يربطها أي رابط، حيث يقول: «من المهم أن نعمل على تغيير تلك الطريقة في التفكير بحيث تكون أكثر شمولا».
وأظهرت دراسة أجريت مؤخرا بمجلة «كونسيومر ريبورتس» أن الأميركيين يميلون إلى تجاهل أو تأجيل القيام بفحص طبي لأسباب مادية في أغلب الأحيان. لا أحد يدعي أن فحص العين يغني عن فحص منظار للقولون أو أن فحص الأسنان يغني عن رسم القلب، لكن من المزعج أن يقوم الأميركيون بإهمال الاثنين معا مما يترتب عليه نتائج خطيرة.
وأظهرت نتائج فحص السليلات الخاصة بي من المختبر، أن اثنتين من السليلات حميدتان والثالثة ورم غدي أنبوبي يسمى عادة سليلة من المحتمل أن تتحول إلى ورم سرطاني.
المثير للاهتمام هو أن السليلات ليست من النوع المرتبط بمتلازمة داء السليلات القولونية العائلي الذي كان يخشاه طبيب العيون المعالج لي. ومع ذلك، فإن نصيحة إجراء منظار على القولون كانت في محلها، حيث عادة ما يبدأ سرطان القولون بسليلة حميدة. وبإزالة السليلات أتخلص من أي خطر بتطورها.
لست متفائلا بطبعي، لكنني أخذت استراحة حيث أجبرتني حركة متهورة في كرة السلة منذ 25 عاما على الاهتمام بصحة عيوني، وأعتقد أن النتيجة التي خلصت إليها جديرة بأن أتشارك بها مع الآخرين.
منقووول .